العدم أولى بها ، والمراد من كونها سيالة أنها توجد وتنقضي ، ويمتنع بقاؤها بأعيانها.
فنقول : الدليل على أن الأمر كذلك ، أن هذا الآن (١) الحاضر ، وهذا الجزء الحاضر من الصوت لا شك أنه قابل للوجود ، إذ لو لم يكن قابلا للوجود ، لما دخل (٢) في الوجود ، ولا شك (٣) أن العدم أولى بها ، إذ لو لم تحصل هذه الأولوية لما كان واجب الانقراض والانقضاء ، فثبت في هذه الأشياء أنها قابلة للوجود ، وقابلة للعدم ، ثم إن العدم أولى بها من الوجود ، فإذا عقلنا حصول هذه الأولوية في جانب العدم ، فلم لا نعقل حصولها في جانب الوجود؟
الوجه الثاني : في تقرير هذا الكلام : أنه قد تكون العلة المؤثرة في حصول الأثر بحيث يتوقف تأثيرها في ذلك الأثر على حصول شرط مخصوص ، مثل الثقل ، فإنه إنما يوجب النزول بشرط عدم المانع ، إذا عرفت هذا فنقول : لا شك أن الأولى بالثقل ، اقتضاء (٤) النزول (٥) والسقوط (إلا أن) (٦) عند فوات ذلك (الشرط ، قد يتخلف عند ذلك) الأثر. فهذا يدل على أن الأولوية قد تحصل في جانب الوجود مع أنها لا تنتهي إلى حد الوجوب.
الثالث : إن الفلاسفة اتفقوا على أن الممكنات على ثلاثة أقسام : منها أكثرية ومنها أقلية ومنها متساوية ، ولا معنى للأكثري إلّا ما يكون الوجود أولى به ، مع أنه لا يمتنع أن يبقى على العدم ، ولا معنى للأقلي ، إلا ما يكون العدم أولى به ، مع أنه لا يمتنع أن يصير موجودا ، وإذا كان هذا حكما متفقا عليه بين الفلاسفة كان كافيا في تقرير ذلك السؤال ، ألا ترى أنهم قالوا : طبيعة الأرض تقتضي الحصول في الوسط على سبيل الأكثرية ، لا على سبيل الدوام ، لأنها قد تصير ممنوعة عن إيجاد ذلك ، على سبيل القسر ، مثل المدرة المرمية إلى فوق.
الرابع : إن الماهيات الممكنة لا شك أنها قابلة للوجود والعدم ، فهذه
__________________
(١) الأول (س).
(٢) حصل (س).
(٣) وأن العدم (س).
(٤) الزوال (ز) افتقار (س).
(٥) من (ز).
(٦) من (ز).