ثبت هذا. فنقول : بتقدير أن يكون أحد الطرفين راجحا كان الطرف الثاني مرجوحا ، ولما كان حصول الرجحان حال الاستواء ممتنعا ، كان (حصوله) (١) حال حصول المرجوحية أولى بالامتناع ، وإذا كان الطرف المرجوح حال كونه مرجوحا (٢) ممتنع الحصول ، كان الطرف الراجح واجب الحصول ، ضرورة أنه لا خروج عن طرف النقيض ، ولما أقمنا البرهان القاطع على فساد الاحتمال الذي ذكرتموه ، فلنذكر الجواب على الوجوه التي عولوا عليها :
الجواب عن الشبهة الأولى : وهي قولهم : «إن من الأعراض ما يكون ممتنع البقاء».
فنقول : من الناس من قال كل عرض فإنه يجوز بقاؤه ، قال : لأن تلك الماهية قابلة للوجود ، وإنها لو لم تكن قابلة للوجود لما وجدت تلك القابلية من لوازم الماهية ، ولازم الماهية يكون واجب الدوام بدوام الماهية ، فتلك القابلية باقية أبدا ، فكان ذلك الشيء ممكن البقاء والدوام ، وعلى هذا المذهب فالإشكال زائل وأما الذين سلموا : أن من الأعراض ما يمتنع بقاؤه.
فنقول : جواب هذه الشبهة عندهم : أن كونه باقيا كيفية حادثة ، فالممتنع هو حصول تلك الكيفية ، وهي غير قابلة للوجود أصلا (٣).
والجواب عن الشبهة الثانية : وهي قولهم : «العلة إذا كان تأثيرها في معلولها موقوفا على شرط فقبل حصول ذلك الشرط يكون التأثير بها أولى ، مع أنه لم ينته إلى حد الوجوب».
فنقول : لا نسلم أن التأثير بها أولى ، فإن العلة مهما اختل قيد من القيود المعتبرة في كونها علة ، امتنع كونها مؤثرة ، ومهما حصل كل القيود المعتبرة في العلية ، وجب كونها مؤثرة.
__________________
(١) من (س).
(٢) موجودا (س).
(٣) أبدا (س).