والجواب عن الشبهة الثالثة : وهي قولهم : «اتفق الحكماء على أن الممكن قد يكون أكثريا ، وقد يكون أقليا» فنقول : المراد من الأكثري هو الذي يكون سبب وجوده في أكثر الأحوال موجودا ، وإذا فسرنا الأكثرية بهذا الوجه سقط كلامكم.
والجواب عن الشبهة الرابعة : إن قولكم : «الماهية تقتضي أحد الطرفين بعينه مع أن طريان النقيض على ذلك الطرف ممكن».
فنقول : الماهية تقتضي أن تكون إما موجودة ، وإما (أن تكون ((١) معدومة ، قوله: «هذا المعنى أمر مبهم ، والمبهم لا وجود له في الأعيان ، وما لا وجود له في الأعيان امتنع جعله معلولا (٢) ، لما لا يكون (٣) موجودا في الأعيان» ، قلنا : مقتضى الماهية عدم الخلو عن الوجود والعدم معا ، وعدم الخلو عنهما أمر معين ، فهذا تمام الكلام في السؤال الأول.
وأما السؤال الثاني : وهو قوله : «افتقار الممكن إلى المؤثر مشروط بكون ذلك الممكن محدثا» فنقول : هذا الشرط غير معتبر (٤) ، بل ندعي إن مجرد ذلك الإمكان علة للحاجة إلى المؤثر ، ويدل عليه وجوه :
الأول : إنا بينا أن الممكن هو الذي تكون نسبة الوجود والعدم إليه على السوية ، وكل ما كان كذلك ، قضى العقل بأنه لا يترجح أحد طرفيه على الآخر إلا لمرجح ، فعلمنا أن هذا القدر كاف في تحقق الحاجة إلى المؤثر ، فيبقى قيد الحاجة (٥) ، محذوفا عن درجة الاعتبار.
الثاني : إن الحدوث لا يجوز أن يكون علة للحاجة ، ولا جزءا من العلة ولا شرطا لها ، والدليل عليه أن الحدوث كيفية في الوجود ، فهي متوقفة على الوجود ، المتوقف على تأثير المؤثر فيه ، المتوقف (٦) على احتياج الأثر إلى
__________________
(١) من (ز).
(٢) مجعولا (س).
(٣) لما يكون (س).
(٤) معين (س).
(٥) الحدوث (س).
(٦) من (س).