هو الثاني فقد حصل الممكن المحدث لا عن مؤثر ، وذلك يبطل قولكم : إن الممكن المحدث لا بدّ له من مرجح ، وإن كان الحق هو الأول ، وهو أن هذه الحوادث مفتقرة إلى المؤثر ، فنقول : ذلك المؤثر ، إما أن يكون محدثا أو قديما ، فإن كان محدثا ، فإما أن يقال : إن ذلك المحدث كان موجودا قبله ، بمعنى أن كل جزء من أجزاء هذه الحوادث ، فإنه معلول للجزء السابق عليه ، وإما أن يقال : إن ذلك المؤثر المحدث يكون موجودا مع هذا الأثر (أو لا يكون ((١) فإن كان الحق هو القسم الأول ، فقد جوزتم أن يكون المؤثر في وجود هذا الحادث شيئا كان موجودا قبل هذا الحادث ولم يبق معه ، وإذا جوزتم ذلك ، فجوزوا استناد كل ممكن إلى موجود آخر كان (موجودا) (٢) قبله ، ولم يبق معه ، لا إلى أول ، وعلى هذا التقدير فلا يمكنكم إثبات واجب الوجود لذاته ، ولا يمكنكم أن تقولوا : إن إثبات حوادث لا أول لها محال ، لأن هذا صريح قول الفلاسفة ، فكيف يمكنهم (٣) إنكاره؟ وإن كان الحق هو الثاني ، وهو أن علة وجود هذا الحادث شيء آخر حدث معه ، فنقول : علة وجود هذا الحادث ، إما أن يكون هو الحادث الذي هو معلوله ، وإما أن يكون حادثا آخر ، والأول يوجب الدور ، والآخر (٤) يوجب التسلسل ، فثبت أنا إذا أسندنا هذه الحوادث إلى علل حادثة ، لزمنا هدم مقدمة من المقدمات المذكورة في أصل الدليل ، وأما القسم الثاني : وهو أن يقال : المقتضى لحدوث الحوادث اليومية (٥) قديم أزلي ، فنقول : ذلك القديم إما أن يقال: إنه كان تاما في الأزل في جميع الأمور المعتبرة في تأثيره في هذا الحادث اليومي ، أو ما كان كذلك ، فإن كان الأول فنقول : فذلك المؤثر التام كان موجودا (قبل حدوث هذا الحادث مع أن هذا الحادث ما كان موجودا) (٦) وقد وجد الآن مع وجود هذا الحادث ، فاختصاص حدوث هذا الحادث بهذا الوقت ، مع أن نسبة ذلك المؤثر التام إلى الوقتين على السوية ، يكون (ذلك) (٧) رجحانا لأحد طرفي الممكن على الآخر لا لمرجح ،
__________________
(١) من (س).
(٢) من (ز).
(٣) يمكنكم (س).
(٤) والثاني (س).
(٥) الحادث اليومي (ز).
(٦) من (ز).
(٧) من (س).