، ولا جسمانيا كانت نسبة حقيقته إلى جميع الأجسام نسبة واحدة ، ولما كانت الأجسام بأسرها متساوية (في تمام الماهية كانت بأسرها متساوية) (١) في قبول الأثر عن ذلك المباين (وإذا كان الأمر كذلك كان قبول كل واحد من تلك الأجسام ، لأثر خاص من ذلك المباين) (٢) المفارق (٣) رجحانا لأحد طرفي الممكن على الآخر لا لمرجح ، وهو محال ، ولما بطلت (٤) هذه الأقسام ، ثبت : أن إله العالم موجود ، ليس بجسم ولا بجسماني ، وأنه فاعل مختار وليس موجبا بالذات. فهذا تمام تقرير هذه الحجة. (واعلم أن مدار هذه الحجة) (٥) على إثبات تماثل الأجسام ، وقد أحكمنا القول فيه. وهذه المقدمة مقدمة شريفة عظيمة المنفعة في أصول الدين ، وذلك لأن المتكلمين يفرعون عليها القول بالإله ، والقول بالنبوة ، والقول بأحوال الآخرة ، والقيامة فأما إثبات الإله المختار فالوجه فيه ما ذكرناه ، وأما في إثبات النبوات ، فلأن هذه المقدمة تدل على أن انخراق العادات أمر ممكن ، وذلك يدل على إمكان المعجزات ، وأما في إثبات القيامة فلأن هذه المقدمة تدل على أن تحريك السموات أمر ممكن ، وتكوير الشمس والقمر أمر ممكن ، وكل ما ورد به القرآن في أحوال القيامة ، فإنه ممكن. فهذا تمام الكلام في تقرير هذه الطريقة. واعلم أنه بالبيان الذي ذكرناه ، يظهر أن تركيب العالم الأعلى والأسفل يدل على وجود إله قادر على ذلك التركيب ، إلا أنه تبقى مطالب كثيرة ، لا يفي بإثباتها هذا البرهان.
فالمطلب الأول : هذا الدليل لا يدل على حدوث ذوات الأجسام ، ولا على إمكان ذواتها. فإن لقائل أن يقول : إن هذه الأجسام واجبة الوجود لذواتها ، إلا أن إله العالم قادر على تركيب العالم الأعلى ، والأسفل منه.
والمطلب الثاني : إن هذا الدليل لا يدل على أن ذلك المدبر (٦) المركب
__________________
(١) من (س).
(٢) من (ز).
(٣) المقارب (س).
(٤) بطل هذا القسم (س).
(٥) من (س).
(٦) المؤثر (س).