لأجل مادة ذلك الجسم؟ (قوله : «الجسم) (١) يمتنع أن يكون حالا في محل» قلنا. الكلام في هذا الباب ما تقدم في مسألة الهيولى ، والصورة.
السؤال الخامس : لم لا يجوز أن يكون المؤثر في حصول هذه الصفات المعينة في هذه الذوات المعينة موجبا بالذات لا فاعلا بالاختيار؟ قوله : «نسبة ذلك الموجب إلى الكل واحدة ، فيمتنع حصول الرجحان» قلنا : هذا أيضا بعينه لازم في الفاعل المختار ، فإن تلك القوابل إما أن تكون متساوية في قابلية الصفات من غير أن يكون لبعضها رجحان على الباقي في قابلية (تلك) (٢) الصفات ، وإما أن يكون بعضها أولى ببعض تلك الصفات من بعض ، والثاني باطل لأن الأجسام متساوية في تمام الماهية ، وكونها كذلك يمنع من الاختلاف في هذه الأولوية ، وإن جاز ذلك : فلم لا يجوز اختلافها في سائر الصفات مع كونها متساوية في الماهية؟ ولما بطل هذا القسم (٣) ، تعين الأول ، وإذا كان كذلك كانت نسبة الفاعل المختار إلى كل تلك الأجسام بالسوية ونسبة كل تلك الأجسام إليه بالسوية ، وحينئذ يكون تخصيص ذلك الفاعل على بعض تلك الأجسام ببعض تلك الصفات رجحانا لأحد طرفى الممكن من غير مرجح ، وهو محال. فيثبت أن الذي أوردتموه على الفلاسفة في القول بالموجب ، وارد بعينه على القائلين بالمختار.
والجواب : قوله : «لم لا يجوز أن يكون التعين جزءا من المقتضى في أحد الجانبين ، أو مانعا من القبول في الجانب الثاني؟» قلنا : لأن التعين قيد عدمي ، والقيد العدمي لا يكون داخلا في المقتضى. أو نقول : إنه إما أن يكون عدميا أو ثبوتيا ، فإن كان عدميا ، فالسؤال زائل ، وإن كان ثبوتيا عاد البحث في أنه : لم اختص هذه الذات بهذا التعيين ، والذات الثانية بالتعين الثاني ، ولم يحصل الأمر بالعكس منه؟ وأما النّقوض فمدفوعة. وأما الحدوث
__________________
(١) من (ز).
(٢) من (ز).
(٣) هذين القسمين (س).