صفة حقيقية. والصفة الحقيقية الموجودة في الأعيان لا بدّ لها من محل موجود في الأعيان. وكل ما كان موجودا في الأعيان ، فهو متعين في نفسه. فإن كل ما كان موجودا في نفسه ، فهو من حيث إنه هو : متعين [فيثبت : أن كل ما كان موجودا في الأعيان فهو متعين في نفسه فوجب أن يقال أن كل ما لا يكون متعينا] (١) في نفسه فإنه لا يكون موجودا في الأعيان ، وما لا يكون موجودا في الأعيان امتنع كونه محلا ، لصفة موجودا في الأعيان. وقد بينا : أن كون الخبر [في نفسه] (٢) مطابقا [أو كونه غير مطابق] (٣) للمخبر في نفسه : أمر ثابت في نفس الوجود فيثبت بما ذكرنا : أن قول من يقول : إن الصادق أحدهما لا بعينه باطل. ولما بطل هذا ، ثبت : أن أحدهما في نفس الأمر صادق بعينه ، وأن الثاني في نفس الأمر كاذب بعينه. ومتى كان الأمر كذلك ، كان الطرف المطابق للجانب الصادق ، يكون واجب الحصول. والطرف المطابق للجانب الكاذب [يكون] (٤) ممتنع الوقوع. فيثبت : أن الشيء في نفسه لا يكون ممكن الوجود البتة ، بل يكون إما واجب الحصول ، أو ممتنع الحصول. إلا أن العقل لما كان لا يعرف الجانب الواقع ، والجانب الممتنع : بقي متوقفا مترددا. فهذا الإمكان حاصل في الأذهان. فأما في الأعيان ، فإنه ممتنع الحصول.
فهذه جملة الوجوه الدالة على نفي الإمكان. وهو آخر الكلام في السؤال.
والجواب : إن مرادنا من لفظ الإمكان ، هو كون الشيء بحيث يجوز أن يستمر على ما كان عليه قبل ذلك ويجوز أن لا يبقى على ما كان عليه قبل ذلك. وإذا ظهر مرادنا من لفظ الإمكان ، زالت الشبهات المذكورة. لأنا نعلم أن الإنسان الجالس لا يمتنع بقاؤه على الجلوس ، ولا يمتنع زوال ذلك الجلوس. والعلم به ضروري. إذا عرفت هذا فنقول : الذي حدث بعد العدم الأزلي :
__________________
(١) من (ز).
(٢) من (س).
(٣) من (س).
(٤) من (س).