وقوعها عند دواعينا الخالصة ، ويجب انتفاؤها عند قيام الصوارف. وإذا كان [الأمر (١)] كذلك ، وجب القطع بكونها واقعة بنا لا بغيرنا.
والدليل على وجوب وقوعها عند حصول الدواعي القوية : أن الصائم في الصيف [الصائف] (٢) إذا اشتدت شهوته لشرب الماء والشارع يأمره بالشرب ، والطبيب يأمره بالشرب (٣) ، وعلم هذا الإنسان أنه لا مضرة في هذا الشرب ، لا في دينه ولا في دنياه : فإنه يحصل له عند هذا الشرب أعظم اللذات. فإن عند حضور هذه الاعتقادات في قلبه : يستحيل أن لا يشرب الماء. فثبت : أن الفعل عند توفر الدواعي الخالصة عن الصوارف واجب الوقوع. والدليل على أن الفعل ممتنع الوقوع عند حصول الصوارف الخالصة : أن من علم ما في دخول النار من الضرر العظيم ، وعلم أنه لا منفعة له في دخولها البتة. لا في الحال ولا في الاستقبال ، ولا يتوسل بذلك الدخول إلى دفع ضرر أعظم [ضررا] (٤) منه فإن عند حضور هذه الاعتقادات في قلبه ، يمتنع منه دخول النار.
فيثبت بهذا البيان : أن عند خلوص الدواعي ، يجب حصول الأفعال ، وعند خلوص الصوارف ، يمتنع حصولها. وإذا ثبت هذا ، فنقول : وجب القطع بأن هذه الأفعال واقعة بنا لا بغيرنا. لأنه لو لم يكن وقوعها بنا ، لكان وقوعها إما أن يكون لا لمؤثر ، أو لمؤثر غيرنا. وعلى التقديرين فكان لا يمتنع أن تقع وإن كرهناها ، ولا أن لا تقع وإن أردناها. كما أن فعل زيد ، لما لم يمكن واقعا بعمرو ، لا جرم ربما وقع وإن كرهه عمرو ، وربما لا يقع وإن أراده عمرو. وذلك يقدح فيما بيناه من أن تلك الأفعال واجبة الوقوع عند توفر الدواعي ، وممتنعة الوقوع عند توفر الصوارف. فيثبت بهذا البيان الذي ذكرناه : أن أفعالنا واقعة بنا. وهذا هو إثبات أصل القياس المذكور.
__________________
(١) من (س).
(٢) سقط (س).
(٣) به (س).
(٤) من (س).