لكنا لما بينا أن الأجسام متماثلة ، فحينئذ يظهر لنا : أن اختصاص كل فلك ، وكل كوكب بصفته المعينة [وخاصيته المعينة] (١) إنما كان بتخليق الإله الحكيم ، وعلى هذا التقدير فلا يضرنا هذا الكلام. وأما قوله : «لم لا يجوز أن يكون فاعل هذه التركيبات عقل ونفس»؟ قلنا : هذا الاحتمال قائم. إلا أنا نقول : ذلك العقل أو النفس ، إن كان ممكن الوجود افتقر إلى السبب ، والدور والتسلسل باطلان ، فلا بد من الانتهاء إلى واجب الوجود لذاته [وإن كان ذلك الشيء واجب الوجود] (٢) فهو المقصود.
واعلم أن الحرف المعدات للحاجات والضرورات ، لا تندفع إلا بالانتهاء ، إلى واجب الوجود لذاته ، فلهذا السبب جاء في الكتاب الإلهي قوله تعالى : (وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى) (٣).
ومن تأمل على الوجه الحقيقي عرف أن هذه الكلمة ينبوع الخيرات ، ومركز المصالح والسعادات [وبالله التوفيق] (٤).
__________________
(١) من (س).
(٢) من (س).
(٣) النجم / الآية ٤٢.
(٤) من (س).