بوجود الله تعالى. أما المسلمون فالأمر بينهم ظاهر ، وأما اليهود فاعترافهم بوجود الإله تعالى أظهر من أن يحتاج الى البيان والذكر.
والذي يذكرونه كثيرا قولهم : «ألوهيم. أدوناي. آهيا شراهيا» (١). وكل ما في التوراة من معجزات موسى عليهالسلام فهو بعينه دليل وجود الإله تعالى ، وكان موسى يقول : «إلهكم هو الذي أتى بهذه العجائب ، وأظهر عجائب الغرائب» وأما النصارى فاعترافهم بوجود الإله ظاهر ، ويقولون : «أبدا ، إلها ، ربا ، قديسا» والتفاوت بين السريانية وبين العربية (٢) قليل. وأما المجوس : فإنهم يسمون الله تعالى بلغتهم : (٣) أهرمن ، أو يزدان. يزعمون : أنهم إنما جعلوا النار قبلة صلاتهم. لأن النار جسم مشرف عالي قاهر ، وهذه الصفات تتناسب مناسبة غير بعيدة لصفات جلال الله من بعض الوجوه ، فلهذا السبب جعلوا النار قبلة صلاتهم ، وخصوها بمزيد من التعظيم ، وقال (٤) زردشت في كتاب «زند أوستا» وهو الكتاب الذي زعم أن الله أنزله عليه : «وتبدو لهم بهيئة أهرمن» (٥).
والأعاجم كانوا يقولون «خداى» [وترجمته بالعربية : أنه بنفسه جاء يعني أنه بذاته وجد ، وحصل (٦)] وتفسيره : أنه واجب الوجود لذاته.
__________________
(١) في الأصحاح الثالث من سفر الخروج : «وقال الله أيضا لموسى : هكذا تقول لبني إسرائيل : يهوه إله آبائكم إله إبراهيم وإله إسحاق ، وإله يعقوب ، أرسلني إليكم. هذا أسمى إلى الأبد» وفي نفس الأصحاح قبل ذلك : «فقال موسى لله : ها أنا آتي إلى بني إسرائيل ، وأقول لهم : إله آبائكم أرسلني إليكم. فإذا قالوا لي : ما اسمه؟ فما ذا أقول لهم؟ فقال لله لموسى : أهيه الذي أهيه» [خروج ٣ : ١٣ ـ] وفي التوراة وردت كثيرا هذه العبارة: «وكلم الرب موسى قائلا : كلم بني إسرائيل وقل لهم ..» وفي الإنجيل : «فأجابه يسوع : إن أول كل الوصايا هي : يا إسرائيل : الرب الهارب واحد» [مرقس ١٢ : ٢٩].
(٢) السريانية (الآرامية) والعبرية. والعربية : الفروق بينهم قليلة جدا.
(٣) يقول الشهرستاني في «الملل والنحل» : «ثم إن التثنية اختصت بالمجوس ، حتى أثبتوا أصلين اثنين مدبرين قديمين يقتسمان الخير والشر ، والنفع والضر ، والصلاح والفساد. ويسمون أحدهما النور ، والآخر الظلمة. وبالفارسية : يزدان وآهرمن».
(٤) وقال يزداد شيئا في كتاب لابستا (ز) وفي (س) كتاب لابستا ـ والتصحيح من الشهرستاني ـ.
(٥) عبارة (ز) : ويكمان تلمسية فلو من. وعبارة (س) وتبدو لهم بهيئة هرمز.
(٦) من (ز).