جوهرا قائما بنفسه (١) ، مباينا (٢) عن الذات الواجبة ، بل يكون صفة لتلك الذات ، والصفة مفتقرة إلى الموصوف. والمفتقر إلى الغير ممكن لذاته ، واجب بغيره فيجب (٣) أن يحصل قبل هذا الوجوب وجوب آخر ، حتى يكون ذلك الوجوب السابق علة لوجوب هذا الوجوب (٤) اللاحق ، فيلزم وقوع التسلسل ، ويلزم أن يحصل للذات الواحدة أعدادا من الوجوب. وكل ذلك محال.
الوجه الثالث : في بيان أن الوجوب بالذات يمتنع أن يكون وصفا موجودا : وذلك لأن الوجوب بالذات ماهية مركبة. فهي ممكنة لذاتها. ينتج أن الوجوب لذاته [ممكن لذاته] (٥) ، وهو محال. إنما قلنا : إن الوجوب بالذات ماهية مركبة فلأن الوجوب بالذات والوجوب بالغير متشاركان في المفهوم من كونه وجوبيا (٦) ويمتاز عن الآخر بكونه [وجوبيا بالذات ، وكون الآخر] (٧) وجوبيا (٨) بالغير وما به المشاركة غير ما به المخالفة ، فيلزم أن يكون الوجوب بالذات مركبا من هذين القيدين. فإن قالوا : لم لا يجوز أن يقال : الوجوب بالذات ، ممتاز عن الوجوب بالغير بقيد سلبي. وهو أنه لا يحصل معه القيد الزائد الحاصل في جانب الوجوب (٩) بالغير؟ قلنا : لأن الوجوب الذاتي ، وهو القدر (١٠) المشترك بين الصورتين إما أن يكون واجبا لذاته وإما أن يكون ممكنا لذاته. فإن كان الأول (١١) امتنع أن يصير جزءا من ماهية الوجوب بالغير ، لأن ماهية الوجوب بالغير صفة عارضة لماهيات الممكنات ، والعارض للشيء يكون عارضا لذلك الشيء بجميع أجزائه فلو كان أحد أجزائه هو الوجوب الذي هو واجب الوجود لذاته ، لزم أن يكون الواجب لذاته مفتقرا إلى غيره وهو محال. وأما إن قلنا : إن مسمى الوجوب الذي هو القدر (١٢) المشترك بين الصورتين
__________________
(١) بذاته (س).
(٢) منافيا (س).
(٣) فيلزم (س).
(٤) الوجود (س).
(٥) من (س).
(٦) وجوديا (س).
(٧) من (س).
(٨) وجودا بالغير (س).
(٩) الوجود (س).
(١٠) القيد (س).
(١١) كان واجبا لذاته (س).
(١٢) القيد (س).