أمر ممكن لذاته ، ثم إنه جزء من قوام ماهية الوجوب الذاتي ، لزم أن يكون الواجب لذاته متقوما بالممكن لذاته ، وهو محال. فثبت بما ذكرنا : أنه لو كان الوجوب بالذات مفهوما ثبوتيا ، للزم كون هذه الماهية مركبة ولما ثبت أن هذا محال ، كان القول بكونه مفهوما ثبوتيا محال.
الوجه الرابع : في بيان أن الوجوب الذاتي يمتنع أن يكون مفهوما ثبوتيا (١) : هو أن مسمى الوجوب محمول على العدم [المحض ، والمحمول على العدم عدم. فالوجوب عدم. وإنما قلنا : إن الوجوب محمول على العدم] (٢) لأن الشيء الذي يصدق عليه [أنه يمتنع أن يوجد يصدق عليه] (٣) لا محالة أنه واجب أن [لا] (٤) يوجد. فههنا المفهوم من الوجوب محمول على اللاوجود. فثبت أن الوجوب محمول على العدم. وأما إن المحمول على العدم : عدم ، فلأنه لو كان وجودا لزم أن يكون العدم المحض (٥) موصوفا بالصفة الموجودة ، وأنه محال. فثبت أن مسمى الوجوب ، لا يمكن أن يكون صفة موجودة.
الوجه الخامس : في بيان أن الوجوب يمتنع أن يكون صفة موجودة : [وذلك لأن الشيء ما لم يجب لم يوجد ، فوجوبه متقدم على وجوده ، فلو كان الوجوب صفة موجودة] (٦) لزم أن يكون حصول تلك الصفة الموجودة للماهية سابقا على وجود تلك الماهية في نفسها. وهذا محال. لأن وجود الشيء في نفسه [متقدم بالرتبة على وجود غيره له. فأما أن يقال : إن وجود غيره له ، متقدم بالرتبة على وجوده في نفسه. فهذا] (٧) محال لا يقبله العقل.
الوجه السادس : إذا قلنا في شيء : إنه واجب الوجود لذاته ، فهذا التصديق لا يحصل منه في العقل أمر [محصل] (٨) إلا إذا فرضنا حقيقة ، ثم فرضناها موصوفة بالوجود ، ثم فرضنا أن موصوفية تلك الحقيقة بذلك الوجود
__________________
(١) ذاتيا (س).
(٢) من (ز).
(٣) من (س).
(٤) من (س).
(٥) من (س).
(٦) من (س).
(٧) من (ز).
(٨) من (س).