الاشتراك اللفظي فقط. والثاني قول من يقول : لفظ الموجود يفيد مفهوما واحدا ، إلا أنه في حق واجب الوجود لذاته ، وجودا مجردا ، أعني أنه وجود بشرط كونه غير عارض لشيء من الماهيات ، بل يكون وجودا قائما بنفسه ، وبهذا التقدير يكون وجود الله تعالى نفس حقيقته. والثالث : قول من يقول : إن الوجود صفة من صفات حقيقة الله تعالى ، ونعت من نعوت ماهيته ، وبهذا التقدير فوجود الله غير ماهيته. وهذه الأقوال الثلاثة قد ذهب إلى كل واحد منها عالم من الناس. فالأول : قول طائفة عظيمة من المتكلمين كأبي الحسن الأشعري ، وأبي الحسين البصري. والثاني : هو القول الذي اختاره أبو علي بن سينا في جميع [كتبه] (١) والثالث : قول طائفة عظيمة من المتكلمين ، وهو الذي نصرناه في أكثر كتبنا. ويجب على العاقل أن يتأمل في هذا التقسيم الذي ذكرناه حتى يعلم يقينا أن هذه الأقوال الثلاثة لا مزيد عليها البتة. ونقول : أما القول الأول وهو أن لفظ الموجود واقع على الواجب لذاته ، وعلى الممكن لذاته ، لا بحسب مفهوم واحد ، بل بحسب الاشتراك اللفظي فقط. فنقول : إنا قد دللنا في مسائل الوجود على فساده ، ولا بأس بإعادة بعض تلك الوجوه في هذا المقام ، فنقول : الذي يدل على فساده وجوه :
الأول : إن بديهة العقل حاكمة بأن الوجود لا يقابله إلا العدم ، وإن العدم لا يقابله إلا الوجود ، فوجب أن يكون الوجود مفهوما واحدا ، كما أن العدم مفهوم واحد ، حتى يصح ذلك التقابل بينهما.
الثاني : إن الوجود يصح تقسيمه إلى الواجب ، وإلى الممكن والجوهر والعرض ، ومورد التقسيم مشترك بين كل الأقسام.
الثالث : إن اعتقاد كونه موجودا ، لا ينافيه اعتقاد كونه واجبا أو ممكنا أو جوهرا أو عرضا ، فوجب أن يكون المفهوم من كونه موجودا فيه قدر مشترك بين الكل.
__________________
(١) من (س).