الرابع : إن بديهة العقل حاكمة بأن المراد من كونه (١) موجودا ، كونه محصلا في الاعتبار ، محققا في الأعيان ، وهذا المفهوم لا يختلف بأن يكون ذلك المحصل [المحقق] (٢) واجبا أو ممكنا. أو سوادا أو بياضا ، كما أنه لما كان المعقول من الحجمية : التحيز والامتداد في الجهات ، لم يختلف ذلك باختلاف كونه لطيفا أو كثيفا أو حارا أو باردا ، وكما أن بديهة العقل حاكمة بأن المفهوم من الحجمية أمر واحد ، فكذلك حاكمة بأن المفهوم من الحصول والتحقق أمر واحد لا يختلف باختلاف الحقائق.
الخامس : إن واحدا من الشعراء لو ذكر شعرا وجعل قافية أبياته الوجود أو الثبوت أو الحصول ، يقضي عقل جميع العقلاء بأن تلك القافية مكررة. ولو أنه ذكر شعرا وجعل قافية أبياته لفظ العين إلا أنه أراد بهذا اللفظ في كل بيت معنى غير المعنى الذي أراده في البيت الآخر يقضي عقل كل عاقل بأن القافية غير مكررة في المعنى ، وذلك يدل على أن صريح عقول العقلاء قاضية بأن معنى الحصول والوجود والتحقق معنى واحد في الكل.
السادس : إنا إذا رجعنا إلى عقولنا ، وجدنا معنى الحصول والوجود معنى معلوما من فطرة العقل ، ومن بديهته ، وإنا لا نجد [البتة] (٣) شيئا آخر أعرف من معنى الحصول ، يعرّف معنى الحصول به ، وهذا إنما يكون لو كان معنى الحصول معنى واحدا في الكل ، أما لو كان معنى الحصول [معنى] (٤) يختلف باختلاف المواضع ، وليس بين تلك الحصولاتمعنى واحد مشترك [فحينئذ] (٥) وجب أن لا يقدر (٦) على تصور معنى الحصول [المطلق] (٧) وأن يفتقر في تصور كل واحد من المعاني المسماة بالحصول والوجود ، إلى تعريف خاص ، وبيان
__________________
(١) كيفية (س).
(٢) من (ز).
(٣) من (س).
(٤) من (ز).
(٥) من (س).
(٦) وجب أن الفقد لا معنى تصور ... الخ (س).
(٧) من (ز).