الوجود ، فنقول : هذا باطل. لأن على هذا التقدير يكون الوجود عارضا لذلك الشيء ، وتكون ماهية ذلك الشيء موصوفة بالوجود ، فحينئذ يكون وجود الله تعالى صفة قائمة بماهيته ، مع أن الفرض والتقدير هو أن وجود الله تعالى ليس عارضا لشيء من الماهيات. هذا خلف.
وأما بيان بطلان القسم الرابع : وهو أن كون ذلك الوجود مستقلا بنفسه ، قائما بذاته ، معلل بسبب منفصل ، مغاير لذلك الوجود ، ولا يكون حالا فيه ، ولا يكون محلا له. فنقول : فعلى هذا التقدير يلزم أن يكون واجب الوجود لذاته ، واجب الوجود لغيره ، وذلك محال. لأن بتقدير فرض عدم ذلك الغير إن لم يبق ذلك الشيء ، قدح ذلك في كونه واجب الوجود لذاته ، وإن بقي قدح ذلك في كونه واجب الوجود لغيره ، ويثبت أن هذا الاجتماع باطل ، فوجب القطع بأن هذا القسم محال. فيثبت بما ذكرنا : أنه لو كان وجود الله تعالى وجودا قائما بنفسه ، لكان الحق هو أحد هذه الأقسام الأربعة ويثبت أن كل واحد منها باطل ، فيثبت أن ذلك الكلام باطل.
الحجة الرابعة : إنا قد دللنا على أن لفظ الموجود واقع على الواجب وعلى الممكن ، بحسب مفهوم واحد. وإذا ثبت هذا فنقول : إما أن يكون المعقول من كونه تعالى موجودا ، والمعقول من كونه تعالى واجبا لذاته : أمر واحد من غير تغاير البتة ، وإما أن يكون المعقول من كل واحد منهما مغايرا للمعقول من الآخر. والأول باطل ، لأنه لما كان كونه واجبا لذاته غير مشترك فيه وبينه وبين الممكنات ، وجب أن لا يكون كونه موجودا أمرا مشتركا فيه بينه وبين الممكنات والوجوب الذاتي غير مشترك فيه بينه وبين الممكنات ، فوجب القطع بأن كونه موجودا مغايرا لكونه واجبا ، وإذا ثبت هذا التغاير فنقول : إما أن يقال : الوجوب بالذات إما أن يستلزم [الوجود] (١) أو يقال بالعكس منه وهو أن الوجود يستلزم الوجوب بالذات ، أو يقال لا هذا يستلزم ذاك ولا بالعكس ، ولكن حصلت ماهية ثالثة. وتلك الماهية تكون مستلزمة لهذين القيدين ، وإما
__________________
(١) من (ز).