أن يقال : لا هذا يستلزم ذاك ولا ذاك يستلزم هذا ، وليس هناك ماهية ثالثة [تستلزمهما معا. فهذه أقسام أربعة لا مزيد عليها.
أما القسم الأول : وهو أن يقال : الوجوب بالذات] (١) يستلزم الوجود. فعلى هذا التقدير ، يكون الوجود عارضا للوجوب بالذات. وقد فرضنا ذلك الوجود ، غير عارض بشيء من الماهيات. هذا خلف.
وأما القسم الثاني : وهو أن يقال : الوجود يستلزم الوجوب بالذات ، فهذا فاسد لأن مسمى الوجود هو القدر المشترك بينه وبين الممكنات ، وما به المشاركة يمتنع أن يستلزم ما به الممايزة ، لأن الأشياء المتساوية في النوع ، يمتنع أن تلزمها لوازم مختلفة بالنوع.
وأما القسم الثالث : وهو أن يقال : حصل هناك مفهوم ثالث ، يستلزم هذين القيدين. فنقول : فعلى هذا التقدير يكون الوجوب بالذات ويكون الوجود عارضين (٢) لتلك الماهية. وقد فرضنا أنه ليس كذلك. هذا خلف.
وأما القسم الرابع : وهو أن لا يكون واحدا منهما مستلزما للآخر ، وليس هناك ثالث يستلزمهما. فنقول : فعلى هذا التقدير لا يكون ذلك الوجود مستلزما للوجوب الذاتي، بل يكون [ذلك الوجود عارضا مفارقا لذلك الوجود ، فحينئذ لا يكون الواجب لذاته ، واجبا لذاته ، بل] (٣) ممكنا لذاته ، وذلك باطل (٤). فثبت بهذا البرهان : أن القول بأن واجب الوجود لذاته لا حقيقة له إلا الوجود المجرد. كلام باطل فاسد.
الحجة الخامسة : لا شك أنه تعالى مبدءا لوجود الممكنات ، وكونه مبدءا لها : إما أن يكون لنفس كونه وجودا ، أو لنفس كونه وجودا مع قيد سلبي ، أو لنفس كونه وجودا مع قيد وجودي ، والأول باطل. وإلا لوجب أن يكون كل
__________________
(١) من (ز).
(٢) عارض (ز).
(٣) من (ز).
(٤) محال (س).