حقيقتهما [ولنفس ماهيتهما] (١) لا لصفة [زائدة] (٢) فظهر بما ذكرنا : أن التماثل أو الاختلاف لا يعقل أن يكون معللا بأمر زائد ، بل لا يحصلان إلا لنفس الماهية والحقيقة. وإذا عرفت هذه المقدمة فنقول : ندعي أن ماهية الله تعالى مخالفة لماهيات جميع الممكنات لنفسها ولعينها من غير أن تكون تلك المخالفة لأجل صفة أو حالة. والذي يدل على صحة ما ذكرناه : أن الحقيقة المخصوصة في حق الله تعالى ، إما أن تكون مساوية لحقائق الممكنات من حيث إنها هي ، وإما أن لا تكون مساوية لها من حيث هي هي ، فإن كان الحق هو القسم الثاني فحينئذ يظهر أنه يمتنع تعليل تلك المخالفة بشيء من الصفات ، لأن كل حكم حصل لذات الشيء ، ولماهيته ، فإنه يمتنع حصوله لغيره ، لأن الشيء الواحد لا يكون واجب الوجود لذاته أو لغيره معا. وأما إن كان الحق هو القسم الأول فنقول : لما كانت الذوات بأسرها متساوية في مجرد كونها ذوات ، فاختصاصات ذات الله تعالى بالصفة التي لأجلها امتازت ذاته عن سائر الذوات ، إما أن يكون لا لأمر ، أو يكون لأمر. والأول باطل لأن الذوات لما كانت متساوية في تمام الذاتية وجب أن يصح على كل واحد منها ما يصح على الآخر ، فلو اختصت ذات معينة بصفة معينة دون سائر الذوات ودون سائر الصفات لا لمرجح ولا لمؤثر ، كان ذلك رجوحا (٣) للممكن من غير سبب ، وذلك محال. وأما الثاني وهو أن يقال : إن تلك الذات المعينة اختصت بتلك الصفة لأمر آخر ، فحينئذ يعود الكلام في اختصاص تلك الذات بذلك المرجح ، فيكون لمرجح [آخر] (٤) وحينئذ يلزم إما التسلسل وإما الدور وهما محالان. فثبت أن القول بأن ذات الله سبحانه مساوية لسائر الذوات في الذاتية ، وأن امتياز ذاته عن سائر الذوات إنما كان لأجل اختصاص ذاته بصفة ، لأجلها حصل الامتياز : قول يفضي إلى أقسام باطلة ، فوجب أن يكون هذا القول باطلا ، فيثبت : أن حقيقته سبحانه تخالف سائر الحقائق والماهيات لنفسها ولعينها. وذلك هو المطلوب.
__________________
(١) من (س).
(٢) من (س).
(٣) وقوعا (س).
(٤) من (س).