متناهية ، [لكن انقضاء مدة غير متناهية] (١) محال. فكان حصول هذا اليوم موقوفا على شرط محال. والموقوف على المحال : محال. فكان يجب أن يكون حصول هذا اليوم محالا. وحيث لم يكن كذلك : علمنا أن الذي انقضى قبله ، كان متناهيا ، لا غير متناهي.
والثاني : إن الأزل والأبد يتقابلان تقابل المتناقضين ، وكل أمرين هذا شأنهما ، فلا بد وأن يتميز أحدهما عن الآخر ، فيجب أن يكون آخر الأزل متصلا بأول الأبد ، إلا أن هذا محال. لأن كل [حد] (٢) فرض كونه آخرا للأزل ، وأولا للأبد ، فإن آخر الأزل وأول الأبد ، كان موجودا قبله ، لأن الوقت الذي يكون متقدما على ذلك الوقت بمقدار مائة سنة ، يكون خارجا عن الأزل وداخلا في الأبد ، وعلى هذا التقدير يمتنع تميز الأبد عن الأزل ، وقد فرضناه متميزا عنه. هذا خلف.
الثالث : إذا قلنا : كان الله موجودا في الأزل ، وسيكون موجودا في الأبد. فقولنا : كان : يفيد أمرا كان موجودا ، وقد انقضى الآن ، وما بقي. وقولنا : يكون. يفيد أمرا سيكون موجودا في الأبد ، وهو الآن غير حاصل. فإذن كل ما يصدق عليه أنه كان وسيكون ، ففيه أحوال متغيرة متجددة. وذات الله تعالى ، لما كان واجب الدوام ، ممتنع التغير ، وجب أن لا يصدق عليه : أنه كان في الأزل ، وسيكون في الأبد ، وأنه كان الآن ، وكل ما كذبت عليه هذه الألفاظ الثلاثة ، فإنه يمتنع كونه موجودا. هذا خلف.
واعلم : أن مباحث الأزل والأبد ذكرناها على الاستقصاء التام ، في الكتاب المشتمل على البحث عن حقيقة المكان والزمان.
وليكن هذا آخر كلامنا في الكتاب الأول من العلم الإلهي.
وقال المصنف مولانا الداعي إلى الله ، رحمة الله عليه : تم ذلك يوم الجمعة من ذي القعدة سنة ٦٠٣ ثلاث وستمائة. والحمد لله على كل حال.
__________________
(١) من (س).
(٢) من (ز).