صاحب الدور ، في صفات الفضيلة. فيكون ذلك الشخص بالنسبة إليه ، كالقمر بالنسبة إلى الشمس ، وهو الإمام القائم مقامه ، المقرر شريعته. وأما الباقون فنسبة كل واحد منهم إلى صاحب الدور الأعظم ، كنسبة كوكب من الكواكب السيارة إلى الشمس. وأما عوام الخلق فهم بالنسبة إلى أصحاب الأدوار مثل حوادث هذا العالم بالنسبة إلى الشمس والقمر وسائر الكواكب. ولا شك أن [عقول الناقصين تكمل بأنوار (١) عقول أصحاب الأدوار ، وتقوي بقوتها.
فهذا كلام معقول مرتب على الاستقراء الذي يفيد القطع واليقين.
المقدمة الخامسة : إن ذلك الإنسان الذي هو أكمل الكاملين ، وأفضل الفضلاء والعلماء ، يكون في آخر الأفق الأعلى من الإنسانية. وقد علمت أن آخر كل نوع : متصل بأول النوع الذي هو أشرف منه. والأشرف من النوع البشري هم الملائكة فيكون آخر البشرية متصلا بأول الملكية. ولما بينا أن ذلك الإنسان موجود في أعلى مراتب البشرية ، وجب أن يكون متصلا بعالم الملائكة ومختلطا بهم ، ولما كان من خواص عالم الملائكة : البراءة عن العلائق الجسمانية ، والاستيلاء على عالم الاجسام ، والاستغناء في أفعالها عن الآلات الجسمانية ، كان هذا الإنسان موصوفا بما يناسب هذه الصفات [فيكون قليل الالتفات إلى الجسمانيات ، قوي التصرف فيها ، شديد الانجذاب إلى عالم الروحانيات (٢)] فتكون قوته النظرية مستكملة بأنواع الجلايا القدسية ، والمعارف الإلهية ، وتكون قوته العملية مؤثرة في أجسام هذا العالم بأنواع التصرفات. وذلك هو المراد من المعجزات. ثم بعد الفراغ من هذين المقامين تكون قوته الروحانية ، مؤثرة في تكميل أرواح الناقصين في قوتي النظر والعمل. ولما عرفت أن النفوس الناطقة مختلفة بالماهيات ، فقد تكون بعض النفوس قوية كاملة في القوة النظرية ، وضعيفة في القوة العملية ، وقد تكون بالضد منه ، فتكون قوية في التصرف في أجسام العالم العنصري ، ضعيفة في
__________________
(١) سقط (ت).
(٢) سقط (ت).