أحدهما : أن تحصل جميع الأسباب ، والمسببات دفعة واحدة ، وقد بينا في برهان إثبات واجب الوجود لذاته : امتناعه.
والثاني : أن يكون كل واحد منها مسبوقا بغيره ، لا إلى أول ، وهذا هو الحق الذي لا محيد عنه.
ثم نقول : هذه الحوادث تحتمل قسمين :
أحدهما : أن يحصل في الوجود ، موجود روحاني ، ويكون دائما منتقلا من معقول إلى معقول آخر ، ومن إدراك إلى إدراك ، وبحسب تلك الإدراكات المتعاقبة ، والتصورات المتلاصقة ، تحدث في هذا العالم. ويجب أن يكون الموجود الروحاني أزليا أبديا سرمديا ، ويجب أن يكون شيئا غير الله تعالى. لما ثبت واجب الوجود لذاته : واجب الوجود من جميع جهاته. فيكون التغير عليه محالا ، فصاحب هذه الإدراكات المتغيرة : شيء غير الله تعالى.
فقد ثبت : أن القول بوجود أرواح عالية ، هي المدبرة لأحوال هذا العالم لا بد منه وبهذا الطريق فلا يتم السعي في إحداث شيء غريب في هذا العالم ، إلا بالاستعانة بتلك الأرواح.
وأما القسم الثاني : وهو أن تحصل حركة جسمانية سرمدية دائمة ، مبرأة عن المبدأ والمقطع. فنقول : تلك الحركة إما أن [تكون مستقيمة أو مستديرة ، والأول باطل لأن تلك الحركة. إما أن (١)] تمتد إلى غير النهاية ، فيلزم وجود أبعاد لا نهاية لها ، وهو محال ، وإما أن ترجع ، وحينئذ يحصل بين نهاية (٢) الذهاب ، وبداية الرجوع : سكون لما ثبت أنه لا بد وأن يكون بين كل حركتين من سكون ، وحينئذ لا تكون هذه الحركة دائمة ، مبرأة عن الانقطاع. فثبت (٣) أن كل حركة على الاستقامة ، فإنها تنقطع. فوجب : أن تكون كل
__________________
(١) سقط (ت).
(٢) بداية (ت).
(٣) فثبت : أن تلك الحركة لا يمكن أن تكون مستديرة (ط) فثبت : أن تلك الحركة لا يمكن أن تكون إلا مستديرة ... وذلك ... الخ (ل).