والسبب الثالث : إنه إذا لم يعتقد في صحة تلك الأعمال. فالظاهر : أنه لا يبالغ في جميع تلك الشرائط ، فلا جرم يفوت المقصود.
الشرط الثاني : إنه إذا قرب للأرواح ، أنواعا من القرابين ، ولم يجد منها أثرا. فالواجب أن لا ينقطع عن ذلك العمل ، وأن لا يتركها ، فإن من عرف أنه كيف يمكنه التقرب إلى الملك العظيم [من ملوك الأرض (١)] علم أن تحمل العناء الكثير في هذا العلم : هين. قال «أرسطوطاليس» (٢) : «كنت مشتغلا بهذا العلم صباحا ومساء فإن وجدت أثرا حمدته ، وإن لم أجد الأثر لم أسيء الظن به وإن طالت المدة وتراخت الأيام ورب شيء كان يعسر ، ثم إني كنت ما انقطع عن المطلوب حتى أبلغه» (٣) ويجب أن يكون سبيل الطالب لهذا العلم ، سبيل العاشق ، إذا لم يسامحه معشوقه. وسبيل من أراد الوصول إلى خدمة ملك ولا يقبله ، فإنه يبذل غاية الجهد ، رجاء الفوز بالمطلوب. فههنا أولى.
الشرط الثالث : إن من الناس من يظن أن الإنسان لا ينال إلا ما دل عليه طالعه.
واعلم أن الناس في هذا الباب على ثلاث مراتب :
فالمرتبة الأولى : الذين تدل طوالعهم الأصلية على كونهم مستعدين لهذا العلم. وهؤلاء إذا اشتغلوا بهذا العلم ، وصلوا إلى المطلوب. إلا أنه لما كانت مراتب القوة والضعف غير متناهية في الصلاحية ، كانت مراتب الحصول غير متناهية.
المرتبة الثانية : الذين لم يحصل في طوالعهم [لا ما يعين ، ولا (٤)] ما يمنع [وهؤلاء إن واظبوا على العمل. وصلوا إلى نصيب كامل.
__________________
(١) سقط (ل).
(٢) أرسطالينوس (ل).
(٣) وإن لم أجد للأثر أسيء الظن به ، فقرب كل شيء كان بعيدا ، ثم إني ما كنت ... الخ (ت).
(٤) من (ل).