الأول : إن التعظيم عبارة عن فعل ، أو قول ، أو ترك فعل ، أو ترك قول ، يقتضي حصول سرور في القلب ، أو لذة في البدن. وقد بينا : أنه لا سرور ، ولا لذة ، إلا والله تعالى قادر على إيصاله الى العبد من غير هذه الوسائط.
الثاني : إن استحقاق التعظيم قد يحصل بالأفعال السهلة [فإن التكلم بكلمة الشهادة (١)] بعد سبق المعرفة : عمل سهل. وهو يوجب الثواب العظيم. فلو كان المقصود من التكليف حصول هذا الاستحقاق ، لكان من الواجب [في الحكمة (٢)] أن نبالغ في تقوية أبداننا حتى يسهل العمل علينا ، فنصير مستحقين للثواب بسببه ، من غير حصول الكلفة والمشقة.
الثالث : إن الحاصل بسبب هذا التكليف عند الطاعة [حصول هذه الزيادة ، وهو هذا الاستحقاق العظيم. وعند المعصية (٣)] حصول العقاب الشديد الدائم. والعقول السليمة قاضية بأن الفعل الذي تكون المنفعة الحاصلة منه نفعا زائدا [فإنه تجب الحاجة (٤)] إليه [والفعل الذي (٥)] تكون المضرة الحاصلة منه أعظم أنواع الضرر ، فإنه يجب تركه والاحتراز منه بأعظم الوجوه. والله أعلم.
وإنما قلنا : إنه لا يجوز أن تكون تلك الفوائد عائدة إلى ثالث غير العابد وغير المعبود وذلك لوجهين :
الأول : إنه لا منفعة تحصل لذلك الثالث ، إلا والله تعالى قادر على تحصيلها بغير واسطة هذه التكاليف ، فيكون توسط هذه التكاليف : عبثا.
الثاني : إن حاصل هذا الكلام يرجع إلى أنه تعالى الحق الضرر والبلاء بأحد العبدين ، لأجل إيصال النفع إلى العبد الثاني. وهذا محض الظلم.
__________________
(١) سقط (ت).
(٢) سقط (ت).
(٣) من (ل) ، (طا).
(٤) لا حاجة إليه (ت ، ط).
(٥) زيادة.