هذا التكليف إلا حصول منافع مخصوصة إليّ ، كان (١)] كل المقصود رعاية أحوالي [فتعذيبي على تركها يناقض رعاية أحوالي (٢)] فكان الجمع بينهما متناقضا. ومثاله : أن يقول السيد لعبده : اجتهد في هذا اليوم في كسب درهم لنفسك ، فقصّر العبد في ذلك ، فأخذه السيد ، وقرض أعضاءه بمقاريض من النار. فيقول العبد : أيها السيد : هل كنت في ذلك الدرهم لنفسك؟ أو كنت فارغا عن جميع المطامع العائدة إليك ، وإنما أمرتني بكسب ذلك الدرهم لمصالح نفسي فقط؟ فإن كان الأول ، كان هذا التعذيب حسنا ، لأني سعيت في تفويت مطلوبك. وأما إن كان الحق هو الثاني ، كان هذا الفعل باطلا. لأن العبد يقول : إنما أمرتني بكسب ذلك الدرهم لنفسي ، ولتكون منافعه عائدة إليّ ، لا إليك. فلما [قصرت في تحصيله ، فأنا ما قصرت إلا في تحصيل المنفعة لنفسي. وتعذيب الإنسان لأجل أنه (٣)] قصر في تحصيل مصالح نفسه ، قبيح في العقول. لأن رعاية مصالحه ، إن لم تكن واجبة الرعاية ، كان تكليفه لتحصيل ذلك الدرهم لنفسه : غير واجب. وإن كانت واجبة الرعاية ، فأهم المهمات له : إزالة العقاب. فكان إيصال العقاب إليه ، لأجل أنه قصر في حق نفسه : فعلا متناقضا.
وبهذا يظهر الفرق بين الشاهد والغائب [فإن السيد إذا أمر عبده بعمل ، فقصر فيه ، فإنه يستحق الملامة والتعذيب. وذلك لأن السيد إذا أمره بذلك العمل ، ليستفيد منه نوعا من أنواع المنافع ، فلما قصر العبد فيه. فقد فات على السيد تلك المنافع ، فحسن منه تعذيب ذلك العبد. أما هذا في حق الله محال. فكان تعذيب العبد على ترك التكاليف والأعمال : قبيحا. فظهر الفرق بين الشاهد وبين الغائب (٤)].
وأما القسم الثالث والرابع : فهما باطلان بالوجوه المذكورة في الحجة الأولى.
__________________
(١) من (ل) ، (طا).
(٢) من (ل).
(٣) من (ل) ، (طا).
(٤) من (ل) ، (طا).