الطريقة الثانية. وكان أيضا : وافيا بكيفية العبادات. وإذا كان العقل وافيا بهذه المطالب ، كان أيضا وافيا بمعرفة [مصالح الدنيا ، لأن الوافي بمعرفة (١)] المهمات العالية الشريفة ، أولى أن يكون وافيا بمعرفة المهمات النازلة الخسيسة. وإذا ثبت هذا ، فنقول : ظهر أن معرفة نبوة الأنبياء ، مفرعة على قبول حكم العقل في جميع هذه المطالب العالية.
وعند هذا نقول : حكم الأنبياء والرسل ، إن كان على وفق حكم العقل ، ففي حكم العقل غنية. وإذا كان على خلافه كان الفرع معارضا للأصل ، وعند وقوع التعارض بين الأصل والفرع ، كان ترجيح الأصل على الفرع أولى من ضده. فثبت : أن حكم العقل يجب أن يكون راجحا على كل التقديرات. وهذا الكلام على تقدير أن يكون تحسين العقل وتقبيحه [معتبرا في معرفة ذات الله تعالى وصفاته وأفعاله ، وإذا قلنا : إن تحسين العقل وتقبيحه غير معتبر ، فالقول (٢)] بفساد البعثة والنبوة ألزم وأظهر ، على ما بيناه في الطريقة المتقدمة [والله أعلم (٣)].
__________________
(١) سقط (ت).
(٢) سقط (ت).
(٣) من (ل) ، (طا).