بمعرفة خاصية ذلك الدواء ، شيئا على خلاف العادة ، فيكون معجزة ، ويكون صاحبها صادق اللهجة.
قلنا : أما الجواب عن الأول : أن نقول : المقرون بمعجزات الأنبياء. قاطعون بأن أحدا من الأنبياء لم يقدر على الإتيان بخلق السموات والأرضين على سبيل المعجزة. فثبت : أن الاتفاق حاصل على جميع التقديرات بأن القدرة على الإتيان بالمعجزات ، لا توجب القدرة على خلق السموات والأرضين ، وإذا كان هذا الفرق واجبا ، فلم لا يجوز مثله في الدواء؟ وهو أن يقال : لا يمتنع وجود دواء يفيد القدرة [على المعجزات ، ويمتنع وجود دواء يفيد القدرة (١)] على خلق السموات والأرضين.
وتمام الكلام أنه يحصل في كل مقام طرفان متباينان ، وأوساط متشابهة. فحصول دواء يوجب قلع الأفلاك ، وانتشار الكواكب مفقود وحصول دواء يوجب زيادة في قوة النفس والبدن موجود.
وأما معجزات الأنبياء ، فلم يظهر أنها من القسم الأول ، أو من الثاني ، فحينئذ يبقى الشك قائما.
وأما الجواب عن الثاني : وهو قوله : «أكثر هذه الخواص أكاذيب» فنقول : كما لا يمكننا الجزم بصحة كل ما ذكرتموه. كذلك لا يمكننا الجزم بفساده ، بل الواجب الإقرار بقيام الاحتمال. وقد صنّف أبو بكر. أحمد بن وحشية. كتابا في التعفينات ، وذكر فيه أشياء متولدة التعفينات. ويدعي حدوث آثار عجيبة. منها. ولم يدل دليل ولا شبهة على كونها باطلة. فوجب التوقف فيها.
والجواب عن الثالث : إنه لعله اختص هو بمعرفة ذلك الدواء ، وهذا غير ممتنع في العقول ، أو لعله وإن عرفه غيره ، إلا أن ذلك الغير ، حصل له ما يمنعه من استعمال ذلك الدواء ، أو من إظهاره.
__________________
(١) من (ل) ، (طا).