على الرسول؟ [ومع هذا الاحتمال ، فكيف يمكن القطع بأنها من فعل الله؟ (١)].
واعلم : أن هذا السؤال : قد ذكره الله تعالى في القرآن ، فقال في سورة الشعراء : (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ، عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) (٢).
ثم قال بعده : «وما تنزلت به الشياطين [وما ينبغي لهم وما يستطيعون. إنهم عن السمع لمعزولون» والتقدير : [إنه لما ادعى (٣)] أنه تنزيل رب العالمين ، نزل به الروح الأمين على قلبه. فكأن قائلا قال : ولم لا يجوز أن يقال : إنه من تنزيل الشياطين؟ فلهذا السبب قال : «وما تنزلت به الشياطين (٤)» ثم إنه أجاب عنه بقوله : (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ : عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ؟ تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ. يُلْقُونَ السَّمْعَ ، وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ) (٥).
وستعرف حقيقة هذا الجواب بعد ذلك.
واعلم أن كفار قريش كانوا يؤكدون هذا السؤال بوجه آخر ، فيقولون : إنه من المشهور عند جمهور العرب : أن لكل شاعر صاحبا من الجن يعينه على الشعر ـ ويهديه إلى دقائقه ، ويرشده إلى مضايقه. فقالوا لمحمد عليهالسلام : لما كان هذا مشهورا في حق الشعراء ، فلم يجوز مثله في حقك؟ فأجاب عنه في آخر هذه الآيات بقوله : (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ) وستعرف حقيقة هذا الجواب في الفصول الآتية. والمقصود هاهنا : بيان أن هذا السؤال مشهور ، مذكور من أول الأمر.
__________________
(١) من (ل) ، (طا).
(٢) الشعراء ١٩٢ ـ ١٩٤.
(٣) من (ل) ، (طا).
(٤) سقط (ت).
(٥) الشعراء ٢٢٠ ـ ٢٢٢.
(٦) الشعراء ٢٢٣.