الرسالة. والعلم بصدقهم يتوقف على عصمة الملائكة ، وذلك دور ، والدور باطل.
والذي يقرر هذا السؤال وجهان :
الأول : إن الناس اتفقوا على وجود شيء قادر قاهر مستول على هذا العالم ، وهو المسمى : «إبليس» وأنه لا يدعو إلا إلى الأباطيل والكفر ، واتفقوا أيضا على وجود شيء قادر قاهر يدعو إلى الخير والصلاح والدين. فإذا ظهر على يد الرسول هذا المعجز ، فكيف يعرف أنه من إعانة الأرواح الطاهرة المطيعة ، وليس من إعانة ذلك الروح المفسد المؤذي؟
والوجه الثاني : إنا نورد هذا السؤال على عبارات الصائبة والفلاسفة. وذلك لأن الكل اتفقوا على [إثبات الأرواح الفلكية ، واتفقوا عليها (١)] أن لكل واحد منها نوعا آخر من التأثيرات في هذا العالم (٢) والشرائع أيضا ناطقة بذلك. فإنهم أثبتوا ملكا هو ملك الجبال ، وملكا آخر ، هو ملك البحار ، وملكا ثالثا ، هو ملك الأمطار ، ورابعا هو ملك الأرزاق ، وخامسا هو ملك الموت ، وسادسا هو ملك الحرب والقتل. والهند اتفقوا على ذلك ، على ما شرحنا مذاهبهم في هذا الباب. وإذا كان الأمر كذلك ، فلم لا يجوز أن تكون هذه المعجزات من أفعال هذه الأرواح؟ بل نقول : إن هذا القول هو القول المتفق عليه بين الصائبة والفلاسفة ، وأهل الهند وأصحاب الطلسمات. وإذا كان هذا قولا متفقا عليه بين هذه الفرق فما لم تذكروا في إبطاله دليلا ، لم يحصل المقصود البتة.
الاحتمال الخامس : أن نقول : اتفقت الفلاسفة على أن للأجرام الفلكية ، والاتصالات الكوكبية تأثيرات مخصوصة في أحوال هذا العالم ، وقد اشتهر في ألسنة (٣) المنجمين : أن للكواكب الثابتة : عطايا عظيمة في السعادة
__________________
(١) سقط (ل) ، (طا).
(٢) في هذه الحالات (ت).
(٣) الألسنة (ل) ، (طا).