والنحوسة ، والذكاء والبلادة ، واتفقوا أيضا على أن للقرانات آثارا عظيمة في هذا الباب. واتفقوا على أنه لا تختلف أحوال تلك القرانات [إلا (١) بسبب وقوع الثوابت في البيوت المناسبة لها. واتفقوا على أن لسهم السعادة تأثيرا قويا في إعطاء السعادات ، ولسهم الغيب تأثيرا قويا في إعطاء [المعارف الحقة والوقوف على المغيبات (٢)] وعلماء الأحكام من الزمان الأقدم إلى عهدنا هذا ، مصرون على صحة هذه الدعاوى ، وجازمون بأن كل من جرب أحوال الطوالع ، علم يقينا أن لهذه الأسباب آثارا قوية في هذا الباب.
إذا عرفت هذا فنقول : نحن لا ندعي صحة هذه الأصول ، ولا ندعي (٣) أنها معلومة أو مظنونة ، بل نقول : لا أقل من أن يكون احتمال أن يكون الأمر على ما قالوه قائما. وبتقدير أن تصح كل هذه الأشياء أو بعضها. فإنه لا يمتنع أن يكون اختصاص مدعي النبوة والرسالة بهذه المعجزات ، إنما كان لأجل اشتمال طالع مولده على حالة من هذه الأحوال. فلعله وقع سهم السعادة وقوعا عجيبا يقتضي حصول هذه السعادات. ولعله وقع سهم الغيب في طالعه وقوعا يقتضي قدرته على الإخبار عن الغيوب.
وأنا أقول : إني قد رأيت إنسانا لم يتفق في طالع مولده شيء من الأشياء الكاملة ، إلا أنه كانت «الشعري اليمانية» واقعة على درجة تاسعة. فلا جرم بلغ في العلوم النقلية والعقلية مبلغا عاليا ، من غير حاجة إلى تحمل تعب في المطالعة والتحصيل.
وإذا ثبت أن هذا الاحتمال قائم ، ظهر أنه لا سبيل البتة إلى القطع بأن هذه الخوارق التي ظهرت على الأنبياء : من فعل الله تعالى.
وحكى «محمد بن زكريا الرازي» في بعض كتبه : أنه رأى رجلا يهوديا ، كان يستخرج الخبيء والضمير على أحسن الوجوه ، وبقي على تلك الحالة
__________________
(١) من (ل) ، (طا).
(٢) من (ط ، ل).
(٣) ولا ندعي انتهاؤها إلى العلم والظن ، ولا أقل من يكون احتمال الأمر ... الخ» (ت).