وأما في هذا السؤال فقد جعلنا الأفلاك والكواكب ، أحياء ناطقة ، مختارة في الفعل والترك.
والاحتمال السابع : اتفقت الفلاسفة على إثبات العقول والنفوس. فقبل إقامة الدلالة على إبطال القول بها ، كان احتمال وجودها قائما. وعلى هذا التقدير ، فلم لا يجوز أن يكون فاعل هذه المعجزات هو هذه العقول والنفوس؟ والفرق بين هذا السؤال [وبين سؤال الملائكة : هو (١)] أن الملائكة عند المتكلمين شيء مغاير لهذه العقول والنفوس ، فأوردنا سؤال الملائكة على حسب ما يعتقدون [في وجود الملائكة (٢)] وأوردنا هذا السؤال هاهنا على حسب مذاهب الفلاسفة في العقول والنفوس.
الاحتمال الثامن : أن نقول : لا شك أن أجسام هذا العالم العنصري ، مشتركة في الهيولى. وتلك الهيولى قابلة لجميع الصور والأعراض على البدن. وإذا ثبت هذا فنقول : اختصاص كل واحد من هذه الأجسام بصفته المعينة [وصورته المعينة ، إما أن يكون لأجل أن ذلك الجسم كان أولى بقبول تلك الصفة والصورة من سائر (٣)] الأجسام أو لم يكن كذلك. والثاني باطل. وإلا لزم أن يكون اختصاص ذلك الجسم بتلك الصفة مع كونه مساويا لسائر الأجسام في القبول ، وفي عدم الأولوية ، يكون رجحانا ، لأحد طرفي الممكن على الآخر ، لا لمرجح ، وهو محال. ولما بطل هذا القسم ، ثبت أن القسم الأول حق. فنقول : واختصاص ذلك الجسم بذلك الاستعداد الخاص ، لا بد وأن يكون لأجل استعداد آخر ؛ إلى غير النهاية ، فتلك الاستعدادات إن حصلت دفعة واحدة ، لزم حصول أسباب ومسببات لا نهاية لها ، دفعة واحدة. وهو محال ، وإن حصلت على سبيل التعاقب ، وهو أن يكون كل استعداد سابق ، علّة لحصول الاستعداد اللاحق ، فحينئذ يكون حصول هذا
__________________
(١) من (ل) وفي (ط) : هذا السؤال وما قبله (٣).
(٢) سقط (ت).
(٣) من (ط) ، (ل).