البواقي [فكان اشتراط واحدة منها ، وإلغاء البواقي (١)] محض التحكم ، وهو باطل [فيثبت أن اشتراط عدم المعارضة ينقسم إلى هذه الأقسام الثلاثة ، وثبت أنها بأسرها أقسام باطلة ، فكان القول باعتبار عدم المعارضة باطلا (٢)].
الوجه الثاني في فساد هذا القسم : إن المعتبر عدم المعارضة إما من الحاضرين فقط ، أو من جميع أهل الدنيا ، أو المعتبر مرتبة متوسطة. وإبطال هذه الثلاثة بمثل الكلام الذي ذكرناه في الوجه المتقدم : معلوم.
والوجه الثالث : إن العدم نفي محض ، فيمتنع أن يكون امتيازا عن غيره بوجه من الوجوه. وإذا لم يحصل فيه الامتياز ، امتنع كونه دليلا ، ولا جزء دليل. لأن أقل مراتب الدليل المخصوص ، امتيازه عما سواه.
وأما القسم الثاني : وهو أن يقال : إن دلالة المعجز على الصدق غير مشروطة بعدم المعارضة. فهذا القسم ظاهر الفساد والبطلان. فثبت بما ذكرنا : فساد القسمين ، وثبت بفسادهما : أن المعجز لا يمكن أن يكون دالا على الصدق.
الشبهة الرابعة : قالوا دلالة [المعجز على الصدق دلالة (٣)] غير مناسبة للمطلوب ، فكانت باطلة. ومثاله (٤) : أن الرجل إذا قال : إني عالم بالهندسة. فإذا طالبوه ببيان المسائل الهندسية ، فإنه لا يأتي بها ، ولا يشتغل بالشروع في شرح تلك المسائل ، بل يقول : الدليل على أني عالم بهذا العلم : أني امتنع عن الأكل والشرب [عشرين يوما (٥)] مع أني لا أموت. فإن كل أحد يقول : هذا الدليل لا يناسب هذا المطلوب ، بل يجب أن يبين علمه بالهندسة ، بأن يشرع في تلك المسائل ويشرحها على الوجه. فكذا هاهنا الرسول هو الذي يرشد الخلق إلى معرفة المبدأ والمعاد ، ويهديهم إلى طرق اكتساب المصالح في الدنيا وفي الآخرة ،
__________________
(١) سقط (ت).
(٢) من (ل) ، (طا).
(٣) سقط (ت).
(٤) من (م).
(٥) من (س).