جاء برفعه وإزالته وإبطاله ونسخه كان مبطلا ، فلو كان النسخ والتغيير والتبديل واقعا في هذا القسم ، كان الآتي بالنسخ مبطلا كاذبا ، وحينئذ يلزم تكذيب الأنبياء وذلك لا يجوز. وأما القسم الثاني وهو أن يقال : التفاوت في الشرائع ما وقع في هذه القواعد الشريفة ، والمهمات الأصلية. وإنما وقع في الفروع والزوائد. فنقول : الاختلاف في مثل هذه الزوائد والتوابع إما أن لا يفيد [منفعة أصلا ، أو إن أفاد منفعة فإن تلك المنفعة (١)] تكون قليلة جدا. ومثل هذا الاختلاف لا يليق به حمل الناس على أحد [القولين ، ومنعهم من القول الثاني ، بالقتل والنهب والإيلام والإيذاء (٢)] ورأينا أن الأنبياء يفعلون ذلك. فكان هذا قادحا في طريقتهم.
ومثاله : إن المقصود الأصلي من الصلاة : أن يكون القلب مشتغلا بنية العبودية ، واللسان بالذكر والثناء ، والأعضاء مزينة بأنواع الخدمة. وهذا المقصود حاصل بالصلاة التي يؤتى بها على مذهب [اليهود ، وبالصلاة التي يؤتى بها على مذهب النصارى ، وبالصلاة التي يؤتى بها على مذهب (٣)] المسلمين. فثبت : أن ما هو المقصود [الأصلي حاصل على كل التقديرات (٤)] ثم إنا نرى الأنبياء يبالغون في حمل [الناس على طريقتهم وفي منع الناس عن طريقة من تقدمهم (٥)] ويزعمون : أن العمل بالطريقة المتقدمة : كفر. يوجب حل الدم ، ويوجب العذاب الدائم ويوجب نهب الأموال وسبي الأولاد. وأيضا : المقصود من الصوم : قهر النفس. وذلك لا يتفاوت بأن يقع ذلك الصوم في شهر رمضان ، أو في شهر آخر. فالمبالغة في تعيين هذا الشهر ، والمنع من سائر الشهور يكون عديم الفائدة. وكذلك المقصود من القبلة : أن يكون الإنسان عند اشتغاله بخدمة الله تعالى ، مستقرا ثابتا. حتى يتفرغ قلبه للاشتغال بخدمة الله تعالى. وهذا المقصود لا يتفاوت بأن تكون القبلة هي
__________________
(١) سقط من (ت).
(٢) من (ل) (طا).
(٣) من (ل) ، (طا).
(٤) سقط (ت). وفي (ط) : كلا التقديرين.
(٥) سقط (ت).