في كل واحد من الحالين باسم بل الحق ما ذهب إليه القوم من اختصاص إحدى القاعدتين بالشك في أصل الوجود وهي قاعدة التجاوز والأخرى بالشك في صحة الشيء الموجود وهي قاعدة الفراغ فان الفرق بينهما ح حقيقي يعطيه نفس الدليل.
ثم إن الفراغ عن الشيء في قاعدة الفراغ ليس في تصويره كثير إشكال حيث إن موردها الشك في صحة الشيء الموجود بخلاف التجاوز عن الشيء في قاعدة التجاوز حيث إن موردها الشك في أصل الوجود وما لم يتحقق الوجود لم يتحقق التجاوز لكن مثل قوله إذا خرجت عن شيء اه وقوله وقد جاوزه اه إذا ألقى إلى العرف استفاد من هذا التركيب ومن أمثاله الخروج والمجاوزة عن محل الشيء وعده خروجا وجوازا عن الشيء لأن الخروج والجواز من النسب الملحوظة للمكان حقيقة بالذات وللمتمكن بالعرض وبوساطته وهو ظاهر.
لكن ينبغي أن يعلم أن المحل والمكان بحسب الحقيقة للأجسام وأما غيرها كسائر الاعراض الجسمانية فإنما يتصف بالمكان بعرض الأجسام لا بالذات إلا أن الإفهام العامة كما اضطرت إلى اعتبار مكان واحد للامتداد الجسماني الواحد ومكانين لجسمين وهكذا كذلك اعتبرت مجموع أمكنة الأجسام المقارنة أو المركبة مكانا واحدا للجميع ثم لم تلبث ان اعتبرت كل مركب محلا لكل واحد من اجزائه ثم عممت ذلك للمركبات الاعتبارية فاعتبرت المركب كالظرف لأجزائه