اجاب عن هذا الاشكال بعض الاجلة بأن أوامر الطرق هي طريقية ناشئة عن ارادة جدية شرعت لحفظ الواقع نظير ما لو اختلطت جوهرة ثمينة مع احجار بنحو لا يمكن تمييزها من بين تلك الاحجار فتتعلق ارادته بأخذ تلك الاحجار ومن الواضح ان هذه الارادة المتعلقة بأخذ الاحجار ليست إلا طريقية لتحصيل ذلك الحجر الثمين ، وكما ان الامر في الارادة التكوينية تكون طريقية كالمثال المذكور كذلك بالنسبة الى الارادة التشريعية المتعلقة بفعل الغير فالامارة المصادفة للواقع تكون بمنزلة ذلك الجوهر الثمين والامارة المخالفة للواقع تكون بمنزلة تلك الاحجار ولكن لا يخفى ما فيه إذ ما ذكر من المثال ليس إلا ارادة واحدة تعلقت بتحصيل ذلك الجوهر الثمين ولكن لما لم يكن منجزا واحتمل انطباقه على كل حجر صار نفس الاحتمال منشأ لأخذ تلك الاحجار وذلك من قبيل الاحتمال المحرك لأطراف العلم الاجمالى فلم يكن هناك ارادات متعددة حتى يقال انها نفسية ام طريقية بل ليس إلا ارادة واحدة تعلقت بالمطلوب الواقعي وان المحركية قد تعددت بتعدد الاحتمال على انه لو سلم تعدد الارادة فذلك بالنسبة الى الجاهل بالواقع لا بالنسبة الى العالم إذ لا يعقل تعلق ارادته إلا بمطلوبه الواقعي كما في المقام حيث ان الشارع لما كان عالما بالواقعيات ومميزا بين الامارة المطابقة وبين غيرها فلا معنى لجعل الامارة المطابقة وغير المطابقة حفظا للواقع إلا بدعوى ان الارادة المتعلقة بالمجموع مقدمة لتحقق مرامه ليحصل للمكلف الداعي الى الاتيان بالجميع لكي يحصل مطلوب المولى ضمنا ولكن لا يخفى ان ذلك يتم لو قلنا بكفاية المصلحة في نفس الامر وهو محل منع.
ثم انك قد عرفت ان الالتزام بجعل الحجية بناء على انها قابلة للجعل