اعتبار المخالف بالنحوين المذكورين عند عدم التعارض وهو المطلوب كما لا يخفى وربما يستدل للمنع بالاجماع على عدم المنع بخبر الواحد وهو ممنوع إذ المنقول منه ليس بحجة والمحصل منه غير حاصل خصوصا في هذه المسألة التي كثرت فيها الاقوال كما انه استدل على المنع بالدليل العقلى وهو الذى ذكرناه سابقا عن ابن قبة من امتناع جعل الطريق بلزوم تحريم الحلال وتحليل الحرام وقد عرفت الجواب عنه مفصلا هذا كله من ادلة المانعين لحجية خبر الواحد.
واما المثبتون لحجية خبر الواحد فقد استدلوا بالادلة الاربعة اما الكتاب فبآيات منها آية النبأ قال الله تعالى (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) وتقريب الاستدلال بهذه الآية من وجوه أحدها اناطة التبين بالفسق ويفهم منها ان العلة لوجوب التبيين هو الفسق لا خبر الواحد ولو كانت العلة هو كون الخبر واحدا لكان اناطة التبين به اولى لأن الفسق وصف عرضي بخلاف كون الخبر خبرا واحدا فانه امر ذاتي ولا اشكال ان التعليل بالذاتى اولى من التعليل بالعرضى كما لا يخفى (١)
__________________
(١) هذا ما افاده الشيخ الانصاري (قده) بما هذا لفظه (انه تعالى امر بالتثبت عند اخبار الفاسق وقد اجتمع فيه وصفان ذاتي وهو كونه خبر واحد وعرضي وهو كونه فاسقا ومقتضى التثبت هو الثاني للمناسبة والاقتران فان الفسق يناسب عدم القبول فلا يصلح الاول للعلية وإلا وجب الاستناد اليه اذ التعليل بالذاتى الصالح للعلية اولى من التعليل بالعرض بحصوله قبل حصول العرضي فيكون الحكم حصل قبل حصول العرض).
توضيح ذلك ان خبر الفاسق له حيثيتان ذاتية وهو كونه خبرا واحدا وعرضية وهو كونه فاسقا وقد علق وجوب التبيين في الآية الشريفة على