ولو سلم وقلنا بان المناط هو ذلك إلا انا تمنع اعتبار الالتفات اليه فان الافعال على أقسام فتارة يحصل في الخارج بدون قصد العنوان ولا ارادة للعمل كالقتل والضرب واخرى يحصل بالارادة مع قصد العنوان كما في مثل الضرب للتأديب والقيام للتعظيم وثالثة يحتاج الى ارادة للعمل من دون قصد العنوان كما في المقام فان التجري يحصل ولو لم يقصد العنوان.
ثم ان الشيخ الانصاري قد أورد على صاحب الفصول تارة بان التجري قبيح ذاتا لكونه من الظلم فيمتنع عروض صفة محسنة عليه كما ان الانقياد حسن ذاتا فيمنع عروض صفة مقبحة عليه واخرى بانه لو سلم انه لا امتناع في ان يعرض له جهة محسنة إلا انه مقتض للقبح ومؤثر فيه لو لم يمنع مانع يوجب رفع قبحه فهو كالكذب فانه مقتض للقبح لو لم يمنع مانع يرفع قبحه ككونه لانجاء بني فانه باتّصافه بعنوان انجاء النبي رفع قبحه إلا ان في المقام الاتصاف بعنوان انه ترك قتل المؤمن او النبي حيث انه كان مغفولا عنه لا يتصف بحسن وقبح فكيف يكون رافعا لقبح التجرى (١) ولكن لا يخفى ما فيه. اما عن الاول فبان المولى يمكن ان يرى أهمية مصلحة
__________________
(١) يرد عليه ان الامر الغير الاختيارى وان لم يتصف بالحسن والقبح إلا انه لا مانع في رفع اقتضاء ما يقتضى القبح كما ان الامر الغير الاختياري يوجب عدم العقاب على التجرى بخلاف العقاب لا بد وان يرجع الى امر اختياري اللهم إلا ان يقال بالفرق بين المقامين فانا نلتزم بان الغير الاختياري يوجب عدم اقتضاء القبح في التجرى وحينئذ يترتب عدم العقوبة بخلاف ما اذا قلنا بان التجرى مقتض للقبح ولكن نمنع بان الغير الاختيارى يرفع