وهذا القسم من المركّبات خارج عن محلّ النزاع ، فإنّ مقدّميّة الأجزاء تتحقّق بعد الأمر بذي المقدّمة ، فكيف يمكن ادّعاء الملازمة بين وجوب ذي المقدّمة ووجوب ما صار جزء ومقدّمة بعد وجوب ذي المقدّمة؟!
ولكنّ التحقيق : أنّ هذا التقسيم ليس بصحيح ، بل المركّب الاعتباري منحصر بالقسم الأوّل ، والقسم الثاني الذي ذكره غير معقول ؛ فإنّه لا شكّ في تحقّق المصلحة الملزمة في المأمور به ، وتعلّق الأمر بأشياء مختلفة الحقائق كاشف عن تحقّقها فيها ، ونقول : إن لم تتحقّق اعتبار الوحدة قبل الأمر بها من المولى فهل تتحقّق المصلحة التامّة اللازمة الاستيفاء في كلّ واحد من الأشياء المذكورة أو في مجموعها من حيث المجموع؟ إن كان الأوّل فلا يمكن جعل المجموع مأمورا به بأمر واحد ؛ إذ لا بدّ من تعدّده بتعدّد المأمور به كتعدّد الإرادة بتعدّد المراد ، فتحقّق المصلحة الملزمة اللازمة الاستيفاء في كلّ واحد منها مستقلّا أمر غير معقول ، وإن كان الثاني ـ أي دخل المجموع في ترتّب المصلحة المذكورة ـ بحيث إن لم تتحقّق أحدها لم تتحقّق المصلحة ، فهذا ما نعبّر عنه باعتبار الوحدة ، ويشهد له قولك : إنّ المكلّف بعد إيصال الأمر إليه يعتبر الوحدة بينها ؛ إذ المولى إن لم ير ضرورة لاعتبار الوحدة في مقام تعلّق الأمر ، فما الذي يلزم المكلّف أن يعتبرها؟ وهذا يكشف عن تحقّقه قبل الأمر ؛ إذ لا بدّ قبله من ملاحظة المجموع بلحاظ ترتّب الأثر على المجموع ، وهذا عبارة عن اعتبار الوحدة. هذا. أوّلا.
وثانيا : أنّه لو فرضنا صحّة التقسيم المذكور وتعقّل القسم الثاني فلا وجه لخروجه عن محلّ النزاع ، فإنّ الملاك في المقدّميّة هو حين الامتثال وإتيان المأمور به لا حين صدور الأمر ، وتأخّر المقدّميّة عن الأمر لا يكون مانعا عن