وقسم منها بصورة جزء العلّة ، والأوّل خارج عن محلّ النزاع بخلاف الثاني.
وبعبارة اخرى : إن لاحظنا أجزاء العلّة بصورة المجموع من حيث المجموع فهي خارجة عن محلّ النزاع ، وإن لاحظناها واحدة واحدة فهي داخلة في محلّ النزاع.
وتقريب ذلك يتوقّف على مقدّمة ، وهي : أنّه لا فرق بين الإرادة الفاعليّة والإرادة الآمريّة من حيث المراد وأصل الإرادة ، إلّا أنّ المراد يتحقّق في الاولى بالمباشرة وفي الثانية بوساطة الأمر.
ثمّ استفاد منها أنّ الإرادة الفاعليّة إذا تعلّقت بإحراق شيء فمن المعلوم أنّها تتعلّق بالعلّة دون المعلول فإنّ الإحراق خارج عن دائرة قدرة المريد ، وهو يترتّب على العلّة ، وربما لا يعدّ فعلا للفاعل ، بل هو عمل وخصوصيّة للنار ، وإذا كان الأمر في الإرادة الفاعليّة كذلك فيكون في الإرادة الآمرية أيضا كذلك ، فإن قال المولى : «أحرق هذه الكتب الضالّة» يكون معناه في الواقع «ألق هذه الكتب في النار» ؛ إذ لا بدّ من أن يكون المأمور به مقدورا وفعلا للمكلّف ، وما هو المقدور له هاهنا ليس إلّا إيجاد العلّة التامّة ، ولذا لا بدّ من خروج العلّة التامّة عن محلّ النزاع.
ولكنّ الحقّ أنّ هذا الكلام مخدوش :
أوّلا : بأنّ نتيجة الاستدلال لو فرضنا صحّته : أنّ العلّة التامّة ليست بمقدّمة ، بل هي بنفسها ذو المقدّمة.
وثانيا : أنّه استفاد منه المقدّميّة لأجزاء العلّة التامّة كالمقتضي والشرط وعدم المانع ، ونحن نسأل أنّها مقدّمة لمجموع العلّة التامّة أو للمعلول؟ فإن قلنا بالأوّل تكون المقدّمة داخليّة ، فلا يكون لنا مقدّمة خارجيّة أصلا ؛ لأنّها