أحدهما : أنّ مقدّميّتها لها واقعيّة من الواقعيّات ـ كواقعيّة استحالة تحقّق ممكن الوجود بدون تحقّق العلّة المرجّحة والموجبة ـ ولكنّ العقل قاصر عن إدراكها ، وكشفها الشارع لاطّلاعه على الامور الواقعيّة ، ولا شكّ في انطباق تعريف المقدّمة العقليّة عليها أيضا ، وهو استحالة وجود ذي المقدّمة بدونها.
وثانيهما : أنّ مقدّميّتها لها أمر من الامور الاعتباريّة كالملكيّة والزوجيّة ، لا بمعنى انكشاف واقعيّة ما فوق إدراك العقل بها ، وعلى هذا أيضا ترجع إلى المقدّمة العقليّة ؛ إذ لا بدّ في مقدّميّة المقدّمة من أمرين : الأوّل : جعل الشارع قوله بأنّ الطهارة شرط للصلاة ، والثاني : الحكم بأنّه إذا جعل الشارع الطهارة شرطا لها فعلم أنّ تحقّق المشروط بدون الشرط ممتنع ، والحاكم بهذا الامتناع هو العقل. والأساس في باب المقدّميّة عبارة عن الأمر الثاني الذي يكون الحاكم به العقل ، فلا بدّ من حمل عبارة صاحب الكفاية قدسسره على هذا ، لا أنّ المقدّميّة واقعيّة كشف عنها الشارع.
والحاصل : أنّ المقدّمات الشرعيّة ترجع إلى المقدّمات العقليّة على هذا البيان أيضا.
التكملة الثانية : أنّه يمكن أن يقال : إنّ كلام المحقّق الخراساني قدسسره تام ، بل ليس قابلا للإنكار فيما إذا كان تعبير الشارع مثل : «جعلت الطهارة شرطا للصلاة» أو «اعتبرتها شرطا لها» ، وأمّا إذا كان التعبير مثل : «لا صلاة إلّا بطهور» فمعناه أنّ الصلاة لا تتحقّق إلّا بوجود الطهور ، فالشارع تعرّض إلى ما هو الأساس في المقدّميّة ولا دخل للعقل وحكمه فيه ، فكيف تكون المسألة مسألة عقليّة؟!
قلت : أوّلا : أنّ الشارع بيّن بقوله : «لا صلاة إلّا بطهور» الأمر الأوّل الذي