لا بدّ منه في مقدّميّة المقدّمة ، ولكن بالتعبير الكنائي ، فمعناه أنّه يشترط في الصلاة الطهارة.
وثانيا : إن قلنا : إنّه بيّن به الأمر الثاني الذي لا بدّ منه في المقدّميّة ، ولا شكّ في أنّه إرشاد إليه ، ومن البديهي أنّه يكون في صورة المفروغيّة عن الأمر الأوّل ، وعلى أي حال يرتبط ما هو الأساس في المقدّميّة بحكم العقل ـ أي عدم تحقّق ذي المقدّمة بدون المقدّمة ـ ولذا ترجع المقدّمات الشرعيّة إلى المقدّمات العقليّة.
وأمّا المقدّمة العاديّة فكان لصاحب الكفاية قدسسره (١) فيها بيان يوافقه التحقيق ، وحاصله : أنّ المقدّمة العاديّة إن كانت بمعنى عدم توقّف ذيها عليها بحسب الواقع بحيث يمكن تحقّق ذيها بدونها ، إلّا أنّ العادة جرت على الإتيان به بواسطتها ، فهي وإن كانت غير راجعة إلى العقليّة إلّا أنّه لا ينبغي توهّم دخولها في محلّ النزاع ؛ إذ المقدّمة العاديّة بهذا المعنى ليست بمقدّمة حقيقة ، مثل عدم مقدّميّة نصب السلّم للصعود على السطح ، إلّا بحسب العادة ؛ لإمكان الصعود بالحبل أو الطيران أو غيرهما. وإن كانت بمعنى أنّ التوقّف عليها وإن كان فعلا واقعيّا ـ كنصب السلّم ونحوه للصعود على السطح لأجل عدم التمكّن عادة من الطيران الممكن عقلا ـ فهي أيضا راجعة إلى العقليّة ؛ لاستحالة الصعود على السطح لغير الطائر الفعلي عقلا بدون نصب السلّم ، وإن كان الطيران بذاته ممكنا فيصدق ما ذكرنا في تعريف المقدّمة العقليّة ـ أي ما استحيل واقعا وجود ذي المقدّمة بدونه ـ على المقدّمة العاديّة بهذا المعنى أيضا ؛ إذ المراد من الاستحالة المذكورة فيه أعمّ من الاستحالة الذاتيّة
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١٤٣.