إنّه حرام بالحرمة المولويّة ومبغوض لي ، وهذا لا ينافي صحّة البيع ؛ إذ الحرمة المولويّة لا تكون مقيّدة لإطلاق (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) ، بخلاف مثل نهي النبيّ عن بيع الغرر ، فإنّه إرشاد إلى الفساد ، فيكون البيع صحيحا وحراما ويترتّب عليه استحقاق العقوبة ، فما قال به الشيخ قدسسره ليس بتامّ.
نكتة :
حكي عن أبي حنيفة والشيباني (١) دلالة النهي على الصحّة في المعاملات ، ووافقهما فخر المحقّقين في ذلك ، ولا بدّ من قبوله في بعض الموارد ، مثل ما نحن فيه ؛ إذ لا شكّ في اعتبار القدرة في متعلّق النهي ، ولا يقدر عليه إلّا فيما إذا كانت المعاملة مؤثّرة صحيحة كالنهي عن تمليك العبد المسلم للكافر ، فلو لم يكن قادرا على هذا التمليك لما صحّ النهي عنه ، فالنهي عنه كاشف عن مقدوريّته ، والمقدوريّة دليل على صحّة المعاملة ، فالنهي هنا دليل على الصحّة.
وإن تعلّق النهي بالتسبّب ـ أي الإيصال بالمسبّب ـ من طريق سبب خاصّ ، مثل : أن يقول الزوج لزوجته : «ظهرك عليّ كظهر امّي» لحصول المفارقة بينهما ؛ إذ المحرّم ليس التلفّظ بهذه الجملة ولا البينونة والطلاق ، بل المحرم هو الظهار المتداول بين الناس في عصر الجاهليّة ، فلا تتحقّق الملازمة العقليّة بين الحرمة المولويّة والفساد ، بل هذا النهي أيضا يدلّ على الصحّة ؛ إذ النهي عنه كاشف عن مقدوريّته للمكلّف ، ولا معنى لمقدوريّة هذا العمل سوى صحّة الظهار وحصول البينونة به ، مع مبغوضيّته وترتّب استحقاق العقوبة عليه ، فلا بدّ من الالتزام بكلام أبي حنيفة وتلميذه في هذا القسم أيضا.
وإن تعلّق النهي التحريمي بأثر المعاملة مثل قوله عليهالسلام : «ثمن العذرة
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٢٩٩.