والفرق بين ما نحن فيه ومثل : «أكرم كلّ عالم» أنّه لا يتحقّق في عالم اللفظ هنا إلّا الطبيعة ونفيها بدون أي نظارة إلى الأفراد والكثرة ، فيدلّ «لا رجل في الدار» على نفي وجود الطبيعة فيها ، والقاعدة تحكم بأنّه إذا كانت الطبيعة منتفية فانتفاؤها متوقّف على انتفاء جميع الأفراد ، فلا بدّ لنا من جريان مقدّمات الحكمة لإحراز إطلاق الطبيعة في مورد الشكّ ، بخلاف «أكرم كلّ عالم» فإنّ لفظ الكلّ هنا يدلّ من ابتداء الأمر على الأفراد والكثرة ، ولا يكون من الطبيعة أثر ولا خبر ، حتّى نحتاج إلى مقدّمات الحكمة في مورد الشكّ في أنّ المقصود منه مطلق العالم أو العالم العادل ؛ لحكومة أصالة عدم الخطأ في هذا المورد عند العقلاء.
والأقوال في دلالة المحلّى باللام ـ جمعا كان أو مفردا ـ على العموم مختلفة ، والمشهور أنّ الجمع المحلّى باللام يدلّ عليه ، بخلاف المفرد المعرّف باللّام ، وصاحب الكفاية قدسسره قائل بعدم دلالتها عليه رأسا ، ويستفاد من بعض الكلمات دلالتها معا عليه ، فلا بدّ من البحث في كلّ منهما على حدة.
ونقول : أمّا دلالة المفرد المعرّف باللّام ـ مثل : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) ـ عليه وضعا فليس بصحيح ؛ لعدم ثبوت وضع اللام ولا مدخوله ولا المركّب منهما للعموم ، وإن لم يكن مانع بحسب مقام الثبوت من وضع المركّب منهما له ، ولكن يتحقّق الدليل على خلافه ، وهو التبادر والانسباق إلى الذهن من جملة (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) غير ما ينسبق إليه من جملة «أحلّ الله كلّ بيع» ، بلحاظ تعلّق الحكم في الاولى بالطبيعة وفي الثانية بالأفراد.
على أنّ لازم ذلك انتفاء أكثر الإطلاقات ، فإنّها كثيرا ما عبارة عن المفرد المعرّف باللّام ؛ لتمسّك الفقهاء فيه بالإطلاق.