بعدمه إذا كان التخصيص متّصلا ، وفي الصورة الثانية يقول بجواز التمسّك به بخلاف الصورة الاولى.
فلا مناص من البحث والتحقيق في حقيقة المجاز من باب المقدّمة ، وهو عند المشهور كما قال به صاحب الكفاية قدسسره : عبارة عن استعمال اللفظ في غير ما وضع له بعلاقة من العلائق المذكورة في محلّها ، والحقيقة : استعمال اللفظ في المعنى الموضوع له ، فلفظ الأسد ـ مثلا ـ إذا استعمل في الحيوان المفترس يكون استعمالا حقيقيّا ، وإذا استعمل في الرجل الشجاع بعلاقة المشابهة استنادا إلى إجازة الواضع يكون استعمالا مجازيّا ، فيكون استعمال اللفظ فيهما بلا واسطة بدون أيّ تصرّف عقلي ومعنوي ، إلّا أنّ الاستعمال المجازي يحتاج إلى قرينة.
وقال السكّاكي في قسم من المجاز ـ أي الاستعارة ، مثل «رأيت أسدا في الحمّام» ـ : إنّ اللفظ مستعمل في معناه الحقيقي ، ولكن يتحقّق التصرّف في أمر عقلي ، وهو ادّعاؤه أنّ الرجل الشجاع أيضا من مصاديق الأسد ، بمعنى أنّه يتحقّق للأسد فرد حقيقي وهو الحيوان المفترس ، وفرد ادّعائي وهو الرجل الشجاع.
وأجود من ذلك ما قال به الشيخ أبو المجد الأصفهاني قدسسره (١) في كتاب وقاية الأذهان ، ومحصّل كلامه مع زيادة توضيح : أنّ الداعي للاستعمالات المجازيّة عبارة عن اللطائف والظرائف والنكت التي لا يمكن إلقاؤها بالاستعمالات الحقيقيّة ، والمجاز على القول المشهور ليس سوى التلاعب بالألفاظ ، ولا حسن فيه ، مع بعده عن مقام الفصحاء ، بل يستلزم في بعض الموارد للكذب والغلط ، مثل قول الشاعر لمحبوبته :
__________________
(١) وقاية الأذهان : ١٠٣ ـ ١٣٥.