خارجة عن بحث مقدّمة الواجب ، وأمّا على مبنى الشيخ فقد يتوهّم في بادئ النظر أنّه يجب على المكلّف تحصيله ، فإنّه من المقدّمات الاختياريّة للواجب ، فيرجع قولنا : «يجب عليكم الحجّ إن استطعتم» إلى أنّه يجب عليكم الحجّ في الموسم مستطيعين ، كقولنا : يجب عليكم الصلاة متطهّرين ، فيجب تحصيل الاستطاعة على المكلّف مع أنّه لم يقل به أحد.
وجواب الشيخ على القاعدة عبارة عن أنّه سلّمنا أنّ ظاهر المسألة يكون كذلك ، ولكنّ التحقيق أنّ كيفيّة أخذ القيود الاختياريّة في المأمور به مختلفة ؛ بأنّ كثيرا منها تعلّق غرض المولى بلزوم تحصيلها كالستر والطهارة والاستقبال في الصلاة ـ مثلا ـ وفي بعض الموارد تعلّق غرضه بأنّه إذا اتّفق حصول هذا القيد يجب تحقّق المأمور به ، فيتحقّق الفرق بين دخالة قيد الطهارة في الصلاة والاستطاعة في الحجّ للمصالح التي يراها المولى.
هذا ، ولكن يمكن الإشكال عليه بأنّه كما يتحقّق وجوب الحجّ قبل الموسم كذلك يتحقّق وجوبه قبل الاستطاعة من دون فرق بينهما على هذا المبنى ، وعلى القول بالملازمة يجب تحصيل المقدّمات قبل الاستطاعة ، ولعلّ الشيخ أيضا لا يلتزم بهذا الكلام بعد كونه بعيدا عن أذهان المتشرّعة.
واختار المحقّق الخراساني قدسسره (١) طريقا آخر لحلّ العويصة وهو : أنّ شرطيّة شيء للمأمور به قد تكون بصورة الشرط المتقدّم ، وقد تكون بصورة الشرط المقارن ، وقد تكون بصورة الشرط المتأخّر. ومعنى الشرطيّة المتأخّرة أنّه إذا تحقّق الشرط في ظرفه فيكشف عن تحقّق المشروط في ظرفه ، كالإجازة في بيع الفضولي بناء على كاشفيّتها بالكشف الحقيقي ، وعلى هذا تكون مدخليّة
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١٦٣ ـ ١٦٤.