أم لا؟ فيجري استصحاب عدم وجوب تحصيل القيد قبل صدور الكلام المشتمل على القيد عن المولى.
على أنّه يجري في كلا الموردين أصل البراءة عن التكليف في رتبة متأخّرة من الاستصحاب ، فما يستفاد من الاصول العمليّة موافق مع رجوع القيد إلى الهيئة من حيث النتيجة ، وهي عدم لزوم تحصيل القيد ، وعدم تحقّق التكليف قبل تحقّق القيد.
ولكن استدلّ الشيخ الأنصاري قدسسره (١) ـ على ما في تقريراته في هذه المسألة ـ لرجوع القيد إلى المادّة بوجهين ، ولكن قبل الخوض في البحث يرد عليه أنّه كيف يقول بالترديد بين الأمرين بعد قوله باستحالة تقييد الهيئة ورجوع جميع القيود في الواجبات المشروطة إلى المادّة؟!
قال المشكيني قدسسره (٢) في حاشيته على الكفاية : إنّ مقصوده من الرجوع إلى الهيئة الرجوع إليها في الظاهر ، مع كونه في الواقع قيدا اختياريّا غير لازم التحصيل للمادّة ، ومن الرجوع إلى المادّة الرجوع إليها على نحو يكون لازم التحصيل ، وتظهر ثمرة هذا النزاع في لزوم تحصيل القيد وعدمه فقط.
وفيه ـ مع عدم صحّة كون الهيئة بمعنى المادّة ـ : أنّه مخالف لما استدلّ به الشيخ قدسسره من الفرق بين إطلاق الهيئة والمادّة من حيث الشموليّة والبدليّة ؛ إذ لا معنى للإطلاق البدلي في المادّة ، فيكون الإطلاق الشمولي فيما إذا كان المراد من الهيئة نفسها لا المادّة ، فيحتمل قويا أنّه قدسسره ذكر المسألة على مبنى المشهور وفرض رفع اليد عن مسلكه ومبناه ، ولذا قال في دليله الأوّل : إنّ إطلاق الهيئة
__________________
(١) مطارح الأنظار : ٤٨ ـ ٤٩.
(٢) كفاية الاصول ١ : ١٦٨.