(يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) [الآية ٢٥٧] فبمعنى : «يحكم بأنّهم كذاك» ، كما تقول : «قد أخرجك الله من ذا الأمر» ، ولم تكن فيه قطّ. وتقول : «أخرجني فلان من الكتبة» ، ولم تكن فيها قطّ. أي : لم يجعلني من أهلها ولا فيها.
وقال (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ) [الآية ٢٥٩] الكاف زائدة والمعنى ـ والله أعلم ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ) [الآية ٢٥٨] «أو الذي مرّ على قرية» والكاف زائدة. وفي كتاب الله (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى : ١١] يقول : «ليس كهو» لأنّ الله سبحانه ليس له مثيل.
قال تعالى (لَمْ يَتَسَنَّهْ) [الآية ٢٥٩] فتثبت الهاء للسكوت ، وإذا وصلت حذفتها (١) مثل «اخشه». وأثبتها بعضهم في الوصل ، فقال (لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ) (٢) فجعل الهاء من الأصل وذلك في المعنى : لم تمرر عليه السنون ف «السّنة» منهم من يجعلها من الواو ، فيقول : «سنيّة» ومنهم من يجعلها من الهاء ، فيقول : «سنيهة» يجعل الذي ذهب منها هاء ، كأنّه أبدلها من الواو كما قالوا : «أسنتوا» : إذا أصابتهم السّنون. أبدل التاء. ويقولون : «بعته مساناة» و «مسانهة». ويكون : (لَمْ يَتَسَنَّهْ) أن تكون هذه الهاء للسكون. ويحمل قول الذين وصلوا بالهاء ، على الوقف الخفيّ ، وبالهاء نقرأ في الوصل.
وقال تعالى : (قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٢٥٩) إذا عنى نفسه. قرأ بعضهم (قال اعلم) بجزم على
__________________
(١). هي في الطّبري ٥ : ٤٦٠ إلى عامّة قراء الكوفة ، وفي السّبعة ١٨٩ أنّ إبقاءها في السكون للجميع ، وأنّ حذفها في الوصل إلى حمزة والكسائي ؛ وفي التيسير ٨٢ والجامع ٣ : ٢٩٢ والبحر ٢ : ٢٩٢ إلى الأخوين حمزة والكسائي ؛ وفي الكشف ١ : ٣٠٧ اقتصر على حمزة ؛ وفي معاني القرآن ١ : ١٧٢ ، وحجّة ابن خالويه ٧٦ ، والمشكل ٧٨ ، بلا نسبة ، وأورد السجستاني في المصاحف ٤٩ ، إلى أنها كانت تكتب بتضعيف النون ، وأنّ الحجّاج هو الذي أدخل عليها الهاء.
(٢). في الطّبري ٥ : ٤٦١ ـ ٤٦٦ أنّها قراءة عامة قراء أهل المدينة والحجاز ، وأيّدها بنقل عن عثمان وأبيّ وزيد بن ثابت ، وأنّه تأوّل بها وهب بن منبّه وقتادة والسّدّي والضّحّاك وابن عباس وابن زيد وبكر بن مضر ومجاهد والربيع ، ونسبها في السبعة ١٨٩ إلى ابن كثير ونافع وعاصم وأبي عمرو وابن عامر ، وفي الكشف ١ : ٣٠٧ إلى غير حمزة ، وفي التيسير ٨٢ إلى غير حمزة والكسائي ، وفي الجامع ٣ : ٢٩٢ إلى الجمهور ، وفي المشكل ٧٦ ، ومعاني القرآن ١ : ١٧٢ و ١٧٣ ، وحجّة ابن خالويه ٧٦ ، فبلا نسبة.