الأمر ، كما يقول : «اعلم أنّه قد كان كذا وكذا» كأنه يقول ذاك لغيره ، وإنّما ينبّه نفسه ؛ والجزم أجود في المعنى ، إلا أنه أقل في القراءة (١) ؛ والرّفع قراءة العامة ، وبه نقرأ (٢).
وأمّا قوله تعالى : على لسان النبي إبراهيم (ع) (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) [الآية ٢٦٠] فلم يكن ذلك شكّا من إبراهيم (ع) ولم يرد به رؤية القلب ، وإنما أراد به رؤية العين (٣).
وقول الله عزوجل له (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ) [الآية ٢٦٠] كأنّه يقول : «ألست قد صدقت» أي : أنت كذلك. قال الشاعر (٤) [من الوافر وهو الشاهد الثالث والثلاثون] :
ألستم خير من ركب المطايا |
|
وأندى العالمين بطون راح |
وقوله تعالى ، على لسان إبراهيم (ع) : (لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) [الآية ٢٦٠] أي : قلبي ينازعني إلى النظر ، فإذا نظرت اطمأنّ قلبي.
قال تعالى : (فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) [الآية ٢٦٠] أي : قطّعهنّ وتقول منها : «صار» «يصور» (٥). وقال
__________________
(١). هو في معاني القرآن ١ : ١٧٣ و ١٧٤ قراءة ابن عباس وأبي عبد الله ، وفي الطّبري ٥ : ٤٨١ و ٤٨٢ و ٤٨٣ إلى عامة قراء أهل الكوفة ، وأيّدها بقراءة عبد الله وابن عباس ، ورجّحها ؛ وفي السبعة ١٨٩ والتيسير ٨٢ والجامع ٣ : ٢٩٦ ، إلى حمزة والكسائي ؛ وزاد في الكشف ١ : ٣١٢ ابن عباس وأبا رجاء وأبا عبد الرحمن ؛ وفي البحر ٢ : ٢٩٦ زاد على حمزة والكسائي ، أبا رجاء وعبد الله والأعمش.
(٢). في معاني القرآن ١ : ١٧٤ إلى العامّة ، وفي الطّبري ٥ : ٤٨٢ و ٤٨٣ إلى عامّة قراء أهل المدينة ، وبعض قراء أهل العراق ، وتأوّل بها وهب بن منبّه وقتادة والسديّ والضّحّاك وابن زيد ؛ وفي السبعة ١٨٩ إلى ابن كثير ونافع وعاصم وأبي عمرو وابن عامر ، وفي الشّواذ ١٦ إلى ابن مسعود ؛ وفي الكشف ١ : ٣١٢ و ٣١٣ إلى الحسن والأعرج وأبي جعفر وشيبة وابن أبي إسحاق وعيسى وابن محيصن ، وعليها الحرميّان وعاصم وابن عامر وأبو عمرو ، وفي التيسير ٨٢ إلى غير حمزة والكسائي ؛ وفي الجامع ٣ : ٢٩٦ إلى الأكثر من القرّاء ، وتأوّل بها قتادة ومكّي ؛ وفي البحر ٢ : ٢٩٦ إلى الجمهور.
(٣). نقلها عنه في الجامع ٣ : ٢٩٨.
(٤). هو جرير بن عطية بن الخطفي. وقد مرت ترجمته قبل ، والبيت في ديوانه ١ : ٨٩ من شواهد الشعر المعروفة.
(٥). وهي في معاني القرآن ١ : ١٧٤ إلى العامة ، وفي الطّبري ٥ : ٥٠٤ إلى عامة قراء أهل المدينة والحجاز والبصرة ، وفي السبعة ١٩٠ والتيسير ٨٢ إلى غير حمزة ، وأضاف في الكشف ١ : ٣١٣ إلى علي بن أبي طالب والحسن وأبي عبد الرحمن وعكرمة ومجاهد ، وفي البحر ٢ : ٣٠٠ إلى غير من أخذ بالأخرى من السبعة ، وفي الجامع ٣ : ٣٠١ ، وحجّة ابن خالويه ٧٧ بلا نسبة.