وإنما مدت في الاستفهام ليفرق بين الاستفهام والخبر. ألا ترى أنك لو قلت وأنت تستفهم : «الرجل قال كذا وكذا» فلم تمددها صارت مثل قولك «الرجل قال كذا وكذا» إذا أخبرت؟
وليس سائر ألفات الوصل هكذا. قال (أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ) (١٥٣) [الصافّات] ، وقال (أَفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) [سبأ : ٨]. فهذه الألفات مفتوحة مقطوعة ، لأنها ألفات استفهام ، وألف الوصل التي كانت في «اصطفى» و «افترى» قد ذهبت ، حيث اتصلت الصاد (والفاء) بهذه الألف التي قبلها للاستفهام. وقال من قرأ هذه الآية (كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ (٦٢) أَتَّخَذْناهُمْ) [ص] فقطع ألف «أتخذناهم» فإنما جعلها ألف استفهام وأذهب ألف الوصل التي كانت بعدها ، لأنها إذا اتصلت بحرف قبلها ذهبت. وقد قرئ هذا الحرف موصولا (١) ، وذلك أنهم حملوا قوله (أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ) (٦٣) [ص] على قوله (ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ) (٦٢) [ص].
وما كان من اسم في أوله ألف ولام تقدر أن تدخل عليهما ألفا ولاما أخريين ، فالألف من ذلك مقطوعة تكون في الاستئناف ، أي في ابتداء الكلام ، على حالها في الاتصال ، نحو قوله : (ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) [الأعراف : ٥٩] (٢) لأنك لو قلت «الإله» فأدخلت عليها ألفا ولاما جاز ذلك. «ألواح» و «إلهام» و «إلقاء» مقطوع كله ، لأنه يجوز إدخال ألف ولام أخريين. فأما «إلى» ، فمقطوعة ولا يجوز إدخال الألف واللام عليها لأنها ليست باسم ، وإنما تدخل الألف واللام على الاسم. ويدلك على أن الألف واللام في «إلى» ليستا بزائدتين ، أنّك إنّما وجدت الألف واللام تزادان في الأسماء ، ولا تزادان في غير الأسماء ، مثل «إلى» و «ألّا». ومع ذلك تكون ألف «إلى» مكسورة وألف اللام الزائدة لا تكون مكسورة.
__________________
(١). نسبت في الطبري ٢٣ : ١٨١ إلى عامة قراء الكوفة والبصرة وبعض قراء مكة ، وهي الراجحة عنده ، وفي السبعة ٥٥٦ والكشف ٢ : ٢٣٣ والتيسير ١٨٨ إلى أبي عمرو والكسائي ، وفي البحر ٧ : ٤٠٧ سماهم بالنحويين وحمزة ، وفي الجامع ١٥ : ٢٢٥ زاد ابن كثير والأعمش وفي حجة ابن خالويه ٣٨١ بلا نسبة.
(٢). والآيات : ٥٩ و ٦٥ و ٧٣ و ٨٥ ، وسورة هود ، الآيات : ٥٠ و ٦١ و ٨٤.