بخلاف المضارّ الدّنيويّة التّابعة لنفس الفعل أو التّرك ، علم حرمته أو لم يعلم ، أو يريد أنّ المضارّ الغير الدّنيويّة ، وان لم يكن خصوص العقاب ، ممّا دلّ العقل والنقل على وجوب إعلامها على الحكيم ، وهو الباعث له على
______________________________________________________
ينصب الشّارع دليلا على التّكليف ، فقد قال سبحانه : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (١).
إلى غير ذلك ممّا يدلّ على أن الله تعالى لا يعاقب أحدا إلّا بعد نصب الدّليل له.
وهذا (بخلاف المضارّ الدّنيويّة التّابعة لنفس الفعل أو التّرك ، علم حرمته أم لم يعلم) فانّ الانسان إذا ارتكب المضارّ الدّنيويّة المقطوعة أو المظنونة أو المحتملة ، فانّه يصيبه الضّرر من غير مدخليّة للعلم والجهل في ذلك ، بخلاف المضارّ الاخرويّة حيث انّها لا تترتب إلّا على من علمها ولم يتجنّبها ، أعمّ من العلم الوجداني ، أو العلم التّنزيلي ممّا يسمّى في الاصطلاح بالعلمي.
(أو يريد) المجيب (انّ المضارّ غير الدّنيويّة ، وإن لم يكن خصوص العقاب) بينما في الوجه الأوّل قلنا : خصوص العقاب فانّه (ممّا دلّ العقل والنقل على وجوب إعلامها على الحكيم) من باب اللّطف فيكون الفرق حينئذ بين هذا الجواب والجواب الأوّل : إنّ الجواب الأوّل : مبنيّ على «قبح العقاب بلا بيان» ، وهذا الجواب مبنيّ على «وجوب اللّطف».
(وهو) أي : ما دلّ العقل والنّقل على وجوب إعلامها على الحكيم ـ ممّا ينطبق على قاعدة اللّطف ـ يكون (الباعث له) أي : للحكيم تعالى (على
__________________
(١) ـ سورة الإسراء : الآية ١٥.