الثالث : إنّه لو سلّمنا أنّ الرجوع إلى البراءة لا يوجب شيئا ممّا ذكر من المحذور البديهيّ ، وهو الخروج من الدّين ، فنقول : إنّه لا دليل على الرجوع إلى البراءة من جهة العلم الاجماليّ بوجود الواجبات والمحرّمات ، فانّ أدلّتها مختصّة بغير هذه الصورة ، ونحن نعلم إجمالا أنّ في المظنونات واجبات كثيرة
______________________________________________________
في مكان في طرف منه جبل مرتفع ، وفي طرف منه بحر ، وفي طرف منه نفاد من الرّمل بحيث لا يمكن سلوك أي : منها ، وفي الطرف الرابع طريق صحراوي يتمكن سلوكه ، لكنّ ظنّه القوي انّ هذه الصحراء لا توصله الى مقصده ، فهل يحكم عقله بسلوك الصحراء لاحتماله الوصول أو أن يبق هناك حتى يموت؟.
(الثالث) من أدلّة عدم الرجوع الى البراءة في المشتبهات الكثيرة حيث لا حجّية لخبر الواحد ، (: إنّه لو سلّمنا إنّ الرّجوع الى البراءة لا يوجب شيئا ممّا ذكر من المحذور البديهي) أي : البديهي الورود والبطلان (وهو : الخروج من الدّين) أو ان يكون الانسان كالأطفال والبهائم ، الى غير ذلك ممّا تقدّم في الدليلين الأولين (فنقول : انّه لا دليل على الرّجوع الى البراءة) فيما شك فيه من المسائل المختلفة الّتي لم يقم عليها دليل بعد عدم حجّية خبر الواحد.
وانّما لا دليل على الرجوع الى البراءة (من جهة العلم الاجمالي بوجود الواجبات والمحرّمات) الكثيرة بين هذه المشتبهات ، التي هي محل ابتلاء المكلّف (فانّ أدلتها) أي الأدلة الدالة على البراءة من الكتاب والسنّة والاجماع والعقل (مختصة بغير هذه الصورة) أي : بغير صورة العلم الاجمالي الكبير بين الواجبات والمحرمات الكثيرة المتشتتة من أول الفقه الى آخر الفقه.
كيف (و) الحال (نحن نعلم إجمالا : إنّ في المظنونات واجبات كثيرة ،