ومن هنا لا ينبغي التأمّل في عدم انجبار قصور الدّلالة بالظنّ المطلق ، لأنّ المعتبر في باب الدلالات هو ظهور الألفاظ نوعا في دلالتها ، لا مجرّد الظنّ بمطابقة مدلولها للواقع ولو من الخارج.
فالكلام إن كان ظاهرا في معنى بنفسه أو بالقرائن الداخلة فهو ، وإلّا ـ بأن كان مجملا أو كان
______________________________________________________
الظنّ العام موجبا لحجيته.
(ومن هنا) حيث انّ الظنّ الخارجي لا يمكنه الجبر في الجملة (لا ينبغي التأمّل في عدم انجبار قصور الدلالة بالظّنّ المطلق) إذا لم يكن انسداد ، فانّ الظنّ لا يجبر الدلالة (لأنّ المعتبر في باب الدّلالات هو : ظهور الألفاظ نوعا) أي : ظهورا نوعيا (في دلالتها) أي : في دلالة تلك الالفاظ (لا مجرّد الظّنّ بمطابقة مدلولها) أي : مدلول الألفاظ (للواقع ولو من الخارج).
مثلا : قوله سبحانه : (فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً)(١) يلزم ظهور «خيرا» في الايمان بمعنى : أن العبد المؤمن يكاتب مقابل أن يراد بالخير : المال ، بمعنى : انّ العبد ذا المال يكاتب ، امّا إذا لم يكن ظهور «خيرا» في الايمان ، وظنّنا أنّ المراد بالخير : الايمان ، لا يمكن أن نقول : إنّ العبد إذا كان مؤمنا يكاتب ، لأنّ هذا الظّن لا يوجب الظهور ، فان الظهور حجّة ، لا الظّن الحاصل من الخارج.
وعلى هذا (فالكلام أن كان ظاهرا في معنى بنفسه ، أو بالقرائن الداخلة) بل أو الخارجة ، مثل : قرينية المقيد للمطلق ، والخاص للعام ، والمبين للمجمل ، الى غير ذلك (فهو) يؤخذ بذلك الظاهر (وإلّا بأن كان مجملا) في نفسه (أو كان
__________________
(١) ـ سورة النور : الآية ٣٣.